وأما فمن جنس الدعاء في صلاة الجنازة، كل ذلك حق للميت وعمل صالح من الحي، مثل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم – [ ص: 37 ] والسلام عليه، وسؤال الله له الوسيلة، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة وغيرها. قال الله تعالى: الدعاء حين الزيارة إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما . وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وثبت في الصحيح أنه قال: "من صلى علي مرة صلى الله عليه عشرا". "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها درجة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت عليه شفاعتي يوم القيامة".
وثبت في الصحيح عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أبي الدرداء "ما من رجل يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا وكل الله به ملكا كلما دعا لأخيه بدعوة قال الملك به: آمين، ولك مثل ذلك ".
فأما [ما] يسميه كثير من الناس زيارة هي من جنس الإشراك بالله وعبادة غيره، مثل السجود لبعض المقابر التي يقال إنها من قبور الأنبياء والصالحين وأهل البيت أو غيرهم ويسمونها المشاهد، أو الاستعانة بالمقبور ودعائه ومسألته قريبا من قبره أو بعيدا منه، مثل ما يفعل كثير من الناس-: فهذا كله من أعظم المحرمات بإجماع المسلمين، وهو من جنس الإشراك بالله تعالى، فإن المسلمين متفقون على أنه ولا يسجد لغير الله لا لحي ولا لميت، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أمته عن اتخاذ القبور مساجد لئلا يفضي ذلك إلى الشرك. ففي صحيح لا يجوز لأحد أن يدعو أحدا ويتوكل عليه ويرغب [ ص: 38 ] إليه في المغفرة والرحمة وتفريج الكربات وإعطاء الطلبات إلا الله وحده لا شريك له، عن مسلم جابر بن عبد الله وفي الصحيحين عن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال قبل أن يموت بخمس: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك". رضي الله عنها عائشة قالت عائشة : ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا. أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا.
وفي الصحيحين أيضا أم سلمة ذكرتا النبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأينها بأرض وأم حبيبة الحبشة، وذكرتا حسنها وتصاوير فيها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شر الخلق عند الله يوم القيامة". أن
وفي مسند عن الإمام أحمد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: عبد الله بن مسعود "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، الذين يتخذون القبور مساجد".
وعن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ابن عباس رواه أهل السنن ، وصححه "لعن الله زوارات القبور [ ص: 39 ] والمتخذين عليها المساجد والسرج". أو حسنه. الترمذي
فلعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من ونحو ذلك، مثل ما يفعله كثير من الناس، وهذا ما اتفق عليه أهل العلم، فلم يتنازعوا في أن ذلك غير مشروع، بل ينهى عنه، حتى قال العلماء: من نذر لنبي أو غير نبي شمعا أو زيتا أو نحو ذلك فإنه نذر معصية لا يجوز الوفاء به، لكن منهم من يجعل عليه كفارة يمين، ومنهم من يقول: لا شيء. وإذا صرف ذلك إلى مسجد يعبد الله فيه وحده لا شريك له، أو صرفه إلى فقراء المسلمين المؤمنين الذين يستعينون به على عبادة الله كان حسنا. وقد ثبت في صحيح يتخذ القبور مساجد ويسرج عليها سرجا كالشمع والقناديل عن البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: عائشة "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه".