[ ص: 341 ] فصل
ليس لها في كتاب الله شيء، الصديق: فإن الأم المذكورة في كتاب الله مقيدة بقيود توجب اختصاص الحكم بالأم الدنيا، فالجدة وإن سميت أما لم تدخل في لفظ الأم المذكورة في الفرائض، كما دخلت في لفظ "الأمهات" في قوله تعالى: وأما الجدة فكما قال حرمت عليكم أمهاتكم . ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس، فثبت ميراثها بسنته، ولم ينقل عن النبي [ ص: 342 ] - صلى الله عليه وسلم - لفظ عام في الجدات، بل ورث الجدة التي أتته، فلما جاءت الثانية إلى رضي الله عنه جعلها شريكة الأولى في السدس . أبي بكر
وقد تنازع الناس في الجدات :
فقيل: لا يرث إلا اثنتان: أم الأم وأم الأب، كقول مالك وأبي ثور.
وقيل: لا يرث إلا ثلاث، هاتان وأم الجد؟ لما روى إبراهيم النخعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ورث ثلاث جدات: جدتيك من قبل أبيك، وجدة من قبل أمك . وهذا مرسل حسن، فإن مراسيل إبراهيم من أحسن المراسيل. فأخذ به ولم يرد في النص إلا توريث هؤلاء. أحمد.
وقيل: بل يرث جنس الجدات المدليات بوارث وهو قول [ ص: 343 ] الأكثرين، كأبي حنيفة وغيرهما، وهو وجه في مذهب والشافعي وهذا القول أرجح؟ لأن لفظ النص وإن لم يرد في كل جدة أحمد. لما جاءته الثانية قال لها: لم يكن السدس الذي أعطي إلا لغيرك؟ ولكن هو لكن، فأيتكن خلت به فهو لها. فورث الثانية، والنص إنما كان في غيرها. فالصديق
ولأنه لا نزاع أن من علت بالأمومة ورثت، فترث أم أم الأب، وأم أم الأم بالاتفاق، فيبقى أم أبي الجد، أي فرق بينها وبين أم الجد؟ وأي فرق بين أم الأب وأم الجد؟
ومعلوم أن أبا الجد يقوم مقام الجد؟ بل هو جد أعلى.
وكذلك الجد كالأب؟ فأي وصف يفرق بين أم أم الجد وأم أبي الجد؟
فبين ذلك أن أم أم الميت وأم أبيه بالنسبة إليه سواء فكذلك أم أم أبيه وأم أبي أبيه بالنسبة إلى أبيه سواء، وأم أبي جده وأم جد جده بالنسبة إلى جده سواء، وإذا كانت هاتان تشتركان في الميراث، ونسبة تينك إليه كنسبة هاتين وجب اشتراكهما في الميراث.
وأيضا فهؤلاء جعلوا أم أم الأم وإن زادت أمومتها ترث، وأم أبي الأب لا ترث، ورجحوا الجدة من جهة الأم على الجدة من جهة الأب. وهذا ضعيف فإن جدته أم أبيه إذا لم تكن مثل أم أمه، [ ص: 344 ] لم تكن أدنى منها، فإنها تدلي بعصبة، وبنت الابن أولى من بنت البنت، فلم تكن أم الأم أولى من أم الأب.
ونظير هذا في الحضانة، فإنهم متنازعون: هل أم الأم أولى من أم الأب؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد.