وإذا كان أفضل الأمة فمن الممتنع أن يكونوا في زمن الأبدال الأربعون علي بالشام، فإن الأمة في زمن كانوا ثلاثة أصناف: علي
صنف قاتلوا معه، كعمار وأمثالهم، فهؤلاء مع [ ص: 103 ] وسهل بن حنيف لم يكن علي بن أبي طالب بالشام مثلهم، بل ومن معه أولى بالحق من علي ومن معه من الشاميين، كما في الصحيحين عن معاوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: أبي سعيد وفي لفظ: "تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق"، "أدناهما إلى الحق".
فهذا حديث صحيح صريح بأن وطائفته أولى بالحق من الطائفة الأخرى عليا وطائفته. معاوية
والصنف الثاني من المؤمنين من لم يقاتل، لا مع ولا علي معاوية، كسعد بن أبي وقاص ومحمد بن مسلمة وعبد الله بن عمر وأمثالهم، فهؤلاء أيضا أفضل من أهل وأسامة بن زيد الشام، وقد كان في لفيف أهل الشام من هو أفضل من كثير من أهل العراق والحجاز.
أما من لم يشهد القتال مع فإن في الشاميين من لم يقاتل معه معاوية وغيره. وأما من كان في عسكره فقد كان في عسكره أيضا قوم صالحون لهم اجتهاد وحسن مقصد، وبكل حال فلا يعتقد مسلم أن كأبي أمامة الباهلي علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وسهل بن حنيف وأمثالهم من السابقين الأولين الذين يشهد الكتاب والسنة بفضلهم على من بعدهم، كان [ ص: 104 ] الأبدال الأربعون الذين هم أفضل الأمة خارجين عنهم في حياتهم. ومحمد بن مسلمة
فهذا الأصل المعلوم بالكتاب والسنة والإجماع لا يعارضه خبر واحد رواه الثقات، بل ينسبون في ذلك إلى الغلط، فكيف بحديث منقطع فيه من الريبة ما لا يخفى.
ومما يبين ذلك أن الذين نطقوا بلفظ "الأبدال" من السلف كانوا يجعلون من الأبدال من ليس بالشام، كما في حكاية أن مالك ابن دينار وغيرهما من الأبدال، وفي حديث ومحمد بن واسع معدان الذي سأل عن قوله: الثوري ما يكون من نجوى ثلاثة فقال: بعلمه، قالوا: وكان معدان من الأبدال. ومثل هذا كثير في كلامهم.
وأما لفظ "النقباء" و"النجباء" في أولياء الله، فقد تقدم أنه ليس لذلك أصل في كلام السلف.