[ ص: 303 ] فصل
في دفع صيال الحرامية [ ص: 304 ] الحمد لله رب العالمين، قال شيخ الإسلام أبو العباس رضي الله عنه:
فصل
من فإنه صائل ظالم عاد، يجوز دفعهم باتفاق المسلمين، وإذا احتاجوا في دفعهم إلى قتال أو رمي نشاب قاتلوهم ورموهم بالنشاب، قبل الإحرام وبعد الإحرام، باتفاق المسلمين. خرج من الحرامية على الحجاج أو غيرهم، قبل الإحرام أو بعد الإحرام،
وإذا قتل هذا الحرامي الذي لم يندفع إلا بالقتال، فدمه هدر لا يضمن بقود ولا دية ولا كفارة.
وإن قتل الدافع كان شهيدا; قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد».
ومن لم يندفع إلا بالقتال، كالرمي بالنشاب، جاز ذلك بالاتفاق. وإن [ ص: 306 ] جاء بسلاح، وخيف هجومه، جاز رميه أيضا.
فإذا كان يطمع في الحجاج إذا صيح به، وإنما يفزع من النشاب، رمي بالنشاب. وإن أمكن دفعه بالصياح، فهل يجوز رميه قبل الصياح به؟ فيه نزاع بين العلماء.
وكذلك إذا دخل الحرامي إلى داره، فهل يجوز دفعه بالسلاح قبل الصياح؟ فيه قولان:
قيل: يجوز، كما دخل لص على ابن عمر رضي الله عنهما، فقام إليه ابن عمر بالسيف. قالوا: فلولا أنا نهيناه عنه لضربه.
وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو أن رجلا اطلع في دارك بغير إذنك، فطعنته، ففقأت عينه، لم يكن عليك بأس».
وثبت أيضا في الصحيح أن رجلا اطلع في دار النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يتبعه بمدرى، ليفقأ عينه.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أباح فقأ عين هذا المعتدي الناظر، بدون نهيه والصياح عليه.
وهذا مذهب فقهاء الحديث، كالشافعي، وغيرهما، [ ص: 307 ] في الناظر. وأحمد بن حنبل،
فكذلك قال من قال في كل صائل.
وقيل: يجب دفعه بالأسهل فالأسهل، ولا يرمى إلا إذا احتيج إلى ذلك.
ولو لم يجب على الحاج بذل شيء من أموالهم، وجاز لهم قتاله. طلب من مال الحاج أو غيرهم مالا قليلا أو كثيرا، وأمكن دفعهم بالقتال،
وإذا أمسك الحرامي وقد قتل، قتل حتما وصلب.
وإن أخذ المال ولم يقتل، قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى جميعا، وحسمتا بالزيت المغلي.
وإن لم يقتل ولم يأخذ مالا، وأمكن نفيه بحبسه أو إخراجه من الأرض، فعل به ذلك. ويجوز عند بعض العلماء إذا شهر السلاح على الحجاج قتله وإن لم يقتل ولم يأخذ مالا. وإن كان بغير سلاح عزر بالحبس وغيره بعد أن يمسك، والنفي هو حبس في السفر، والله أعلم.