وأيضا فكثير من العلماء يقولون : إن ؛ لئلا يجتمع عليه عقوبتان من أن الحد حق لله والمال حق لآدمي . وهذا أولى ، لئلا [ ص: 278 ] يجتمع على المربي عقوبتان : إسقاط ما بقي ، والمطالبة بما أكل . وإن كان عين المال باقيا فهو لم يقبضه بغير اختيار صاحبه كالسارق الغاصب ، بل قبضه باتفاقهما ورضاهما بعقد من العقود ، وهو لو كان كافرا ثم أسلم لم يرده ، وقد قال تعالى : السارق لا يغرم فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله .
وقد يقال : لا يكون لواحد منهما ، كما لو كان ثمن خمر أو مهر بغي أو حلوان كاهن ، فإن هذا إذا تاب لا يعيده إلى صاحبه ، بل يتصدق به في أظهر قولي العلماء .
وكذلك لو ، نص استأجر رجلا لحمل خمر على أنه يقضى له بالكراء ولا يأكله ، لأن الحمل عمل مباح فيستحق أجرته ، ولكن لقصد المستأجر لا يأكله . وكذلك أحمد ، فإنه يقضى له بالثمن بلا ريب إذا تعذر رد العنب والعصير ، ولا يقول عاقل : إن الذي أخذ العنب وعصره خمرا يعطى مع ذلك الثمن ، لكن غاية ما يقال : إن هذا يتصدق بالثمن . لو باع عنبا أو عصيرا ممن يتخذه خمرا
فإن قيل مثل هذا في الربا قياسا على هذا ، فقد يقال : هنا التحريم لحق الله ، لأن نفس عوض الخمر محرم ، وهناك التحريم لما فيه من ظلم الآدمي ، وإن كان لو رضي به لم يجز ؛ لأنه سفيه في ذلك .
وأيضا ففي رده عليه تسليط لمن يحتال على الناس بأن يأخذها بعقود ربوية فينتفع بها ، ثم يطالبهم بما قبضوه ، وقد انتفع برأس ماله مدة [ ص: 279 ] بغير رضاهم ، فإنهم لم يعطوه قرضا .