ولهذا لم يتنازع العلماء أن ، وأن محبة ذلك واجبة ، بحيث يبغض ما أبغضه الله ، ويسخط ما سخطه الله من المحظور ، ويحب ما أحبه الله ، ويرضى ما رضيه الله من المأمور . وإن تنازعوا في الرضا بما قدره الحق من الألم كالمرض والفقر ، فقيل : هو واجب ، وقيل : مستحب ، وهو أرجح . والقولان في أصحاب أحمد وغيرهم . وأما الصبر على ذلك فلا نزاع أنه واجب . الرضا بما أمر الله ورسوله واجب ، بحيث لا يحبون كراهة ذلك ولا سخطه
وقد قال في الأول : ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون ولو أنهم رضوا ما آتاهم [ ص: 268 ] الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون [التوبة :58 - 59] . فجعل من المنافقين من سخط فيما منعه الله إياه ورسوله وحضهم بأن يرضوا بما آتاهم الله ورسوله . والذي آتاه الله ورسوله يتناول ما أباحه دون ما حظره ، ويدخل في المباح العام ما أوجبه وما أحبه .
وإذا كان الصبر على الضراء ونحو ذلك مما أوجبه الله وأحبه ، كما أوجبه الشكر على النعماء وأحبه ، كان كل من الصبر والشكر مما تجب محبته وعمله ، فيكون ما قدر للمؤمنين من سراء معها شكر وضراء معها صبر خيرا له ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : » . «لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له ، وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له
وإذا كان ذلك خيرا فالخير هو المنفعة والمصلحة ، الذي فيه النعيم واللذة كما تقدم ، فيكون كل مقدور قدر للعبد إذا عمل فيه بطاعة الله ورسوله خيرا له ، وإنما يكون شرا لمن عمل بمعصية الله ورسوله ، وقبل ذلك فهو محنة وفتنة وبلاء ، قد يعمل فيه بطاعة الله ، وقد يعمل فيه بمعصية الله ، فلا يوصف بواحد من الأمرين .
آخره ، والحمد لله .