وقال بعد أن ذكر قصص الأنبياء : إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون [الأنبياء :92 - 93] .
وقال تعالى : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة [ ص: 209 ] سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب [الشورى :13 - 14] .
وهذا المعنى قد ثناه الله في كتابه يبين فيه أن العام والإيمان العام ، وأنه أمر رسله بالاجتماع فيه والائتلاف ، ونهاهم عن التفرق فيه والاختلاف ، وأمر جميع عباده بالاجتماع فيه والائتلاف ، ونهاهم عن التفرق فيه والاختلاف . وهو دين الله الذي أمر به الأولين والآخرين من عباده ، فمن خرج عنه فكفر بجميع الرسالة ، وهو الكفر بجميع الكتب والرسل ، أو آمن ببعض الرسالة دون بعض ، وهو الإيمان ببعض الكتب والرسل دون بعض ، كما يدعيه أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، أو ببعض ما في الكتب والرسل كما عليه الصابئة والمبتدعون من الفلاسفة الذين في المسلمين وغيرهم ، ومن سلك سبيلهم من المبتدعة أهل التحريف والتبديل في المسلمين واليهود والنصارى ، ويدخل في هؤلاء السبعون فرقة الذين في اليهود ، والإحدى والسبعون الذين في النصارى ، والثنتان والسبعون الذين في المسلمين ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث متعددة : دينه واحد ، وهو الإسلام » . وفي رواية : «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، ثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة وهي الجماعة » . فوصفهم بالاجتماع واتباع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو السنة والجماعة . «هو من كان على مثل ما أنا عليه [ ص: 210 ] وأصحابي
، وخرجوا عن بعض ما جاءت به الرسل عن الله ، وهو دين الله العام ، وهو دين واحد . والله سبحانه هو الإله الواحد ، له ما في السموات وما في الأرض ، وهو أحد صمد لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد . فكل من خرج عن الدين العام الجامع من الأولين والآخرين فهو من أهل التفرق والاختلاف ، الذين اختلفوا في الكتاب ، واختلفوا على الأنبياء