، فقال تعالى : وأخبر تعالى بأنه أرسل إلى جميع خلقه الرسل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله [النحل :36] ، وقال تعالى : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير [فاطر :24] . وقال : يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي وينذرونكم لقاء يومكم هذا [الأنعام :130] .
وذكر الإيمان بالله ورسله في القرآن كثير جدا في أنواع من الأصول ، كقوله : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم [الحديد :19] . وقوله : آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه [الحديد :7] ، وقوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته [الحديد :28] . وقوله : لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط [الحديد :25] ، وسورة الحديد قد ثنى فيها هذا الأصل مرة بعد مرة .
وقال تعالى : إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا [ ص: 205 ] بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه [الفتح :8 - 9] . وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل [النساء :136] . وقال تعالى في خطابه لبني إسرائيل : لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا الآية [المائدة :12] . وقال تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق [البقرة :136 - 137] . وقال في آخر السورة : آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله [البقرة :285] . وقال في أول السورة : الم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون [البقرة :1 - 4] .
فسورة البقرة جماعها في تقرير الرسالة ، فإن تقرير الرسالة متضمنة للإيمان بجميع الكتب والملائكة الذين هم رسل أيضا ، كما قال : الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس [الحج :75] . ولفظ «الملك » يقتضي الرسالة ، فإنه من الألوكة ، والألوكة هي الرسالة ، والمألك : الرسالة . وهذه المادة (أ ل ك) و (ل أ ك) تقتضي الرسالة ، وقد [ ص: 206 ] قال فيهم : والمرسلات عرفا [المرسلات :1] ، وهو الملائكة في أشهر القولين ، وهم رسل الله في تنفيذ أوامره الكونية والدينية ، والعالم كله قائم بأمر الله الكوني ، كما أن الديانات كلها قائمة بأمر الله الديني .
وهذا الأصل وإن كانت سورة البقرة تضمنته فكذلك كثير من السور بل أكثرها ، مثل سورة آل عمران التي قال في أولها : الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان ، إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد [آل عمران :1 - 4] . وذكر في أثنائها ما ذكر من الإيمان بالله ورسله ، ثم ختمها بمثل ذلك في قوله : وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا ، أولئك لهم أجرهم عند ربهم ، إن الله سريع الحساب [آل عمران :199] .