قال تعالى : ( إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ( 169 ) ) .
قوله تعالى : ( وأن تقولوا ) : في موضع جر عطفا على بالسوء ; أي وبأن تقولوا .
قال تعالى : ( أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ( 170 ) ) .
قوله تعالى : بل نتبع بل هاهنا للإضراب عن الأول ; أي لا نتبع ما أنزل الله ; وليس بخروج من قصة إلى قصة .
و ( ألفينا ) : وجدنا المتعدية إلى مفعول واحد ; وقد تكون متعدية إلى مفعولين مثل وجدت ، وهي هاهنا تحتمل الأمرين ; والمفعول الأول : آباءنا وعليه إما حال أو مفعول ثان ، ولام ألفينا واو لأن الأصل فيما لو جهل من اللامات ، أن يكون واوا . ( أولو ) الواو للعطف ، والهمزة للاستفهام بمعنى التوبيخ ، وجواب لو محذوف تقديره أفكانوا يتبعونهم .
قال تعالى : ( إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع ( 171 ) ) .
قوله تعالى : ( ومثل الذين كفروا ) : مثل مبتدأ ، و ( كمثل الذي ينعق ) : خبره . وفي الكلام حذف مضاف ; تقديره : داعي الذين كفروا ; أي مثل داعيهم إلى الهدى ; كمثل الناعق بالغنم ; وإنما قدر ذلك ليصح التشبيه ، فادعى الذين كفروا كالناعق بالغنم ، ومثل الذين كفروا كالغنم المنعوق بها . وقال : لما أراد تشبيه الكفار وداعيهم ، بالغنم وداعيها ، قابل أحد الشيئين بالآخر من غير تفصيل ، اعتمادا على فهم المعنى . سيبويه
وقيل التقدير : مثل الذين كفروا في دعائك إياهم .
وقيل التقدير : مثل الكافرين في دعائهم الأصنام كمثل الناعق بالغنم .
( إلا دعاء ) : منصوب بـ ( يسمع ) . وإلا قد فرغ قبلها العامل من المفعول .
[ ص: 117 ] وقيل إلا زائدة ; لأن المعنى لا يسمع دعاء ، وهو ضعيف والمعنى بما لا يسمع إلا صوتا : ( صم ) : أي هم صم .
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم ( 172 ) ) .
قوله تعالى : ( كلوا من طيبات ) : المفعول محذوف ; أي كلوا رزقكم ، وعند الأخفش من زائدة .
قال تعالى : ( فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله ( 173 ) ) .
قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة ) : تقرأ الميتة بالنصب ، فتكون ما هاهنا كافة ، والفاعل هو الله . ويقرأ بالرفع على أن تكون ما بمعنى الذي ، والميتة خبر إن ، والعائد محذوف تقديره : حرمه الله . ويقرأ حرم على ما لم يسم فاعله فعلى هذا يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي ، والميتة خبر إن ، ويجوز أن تكون كافة والميتة المفعول القائم مقام الفاعل .
والأصل الميتة بالتشديد ; لأن بناءه فيعلة ، والأصل ميوتة ، فلما اجتمعت الياء والواو وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت ، فمن قرأ بالتشديد أخرجه على الأصل ، ومن خفف حذف الواو التي هي عين ، ومثله سيد وهين في سيد وهين .
ولام ( والدم ) : ياء محذوفة حذفت لغير علة .
والنون في ( خنزير ) أصل ، وهو على مثال غريب ; وقيل هي زائدة ، وهو مأخوذ من الخزر . ( فمن اضطر ) : من في موضع رفع وهي شرط ، واضطر في موضع جزم بها ، والجواب " فلا إثم عليه " ويجوز أن تكون من بمعنى الذي .
[ ص: 118 ] ويقرأ بكسر النون على أصل التقاء الساكنين ، وبضمها إتباعا لضمة الطاء ، والحاجز غير حصين لسكونه وضمت الطاء على الأصل ; لأن الأصل اضطرر .
ويقرأ بكسر الطاء ; ووجهها أنه نقل كسرة الراء إليها .
( غير باغ ) : نصب على الحال .
( ولا عاد ) : معطوف على باغ ، ولو جاء في غير القرآن منصوبا عطفا على موضع غير جاز .