وأيضا فإن تلف المنافع قبل التمكن من استيفائها كتلف الأعيان المبيعة قبل التمكن من استيفائها، وإذا كان فكذلك المنافع التالفة قبل التمكن من استيفائها، ومعلوم أنه لم يتمكن من استيفائها، وطرد ذلك الثمر بعد ظهور صلاحه وقبل كماله، فإن المشتري لما لم يتمكن من جدادها على الوجه المعروف كانت من ضمان البائع، فإن التمكن إنما يحصل عند إمكان الجداد على الوجه المعروف. المبيع التالف قبل التمكن من قبضه من ضمان البائع،
فإن قيل: بل المستأجر قد قبض المنفعة قبضا حكميا، فقبض العين بدليل جواز التصرف فيها بالإجارة، وبدليل أنه يجب عليه تسليم الأجرة.
قيل: هذا فيه نزاع، فأما إجارة المستأجر لما استأجره فعن [ ص: 233 ] فيها أربع روايات : أحمد
إحداها: لا يجوز بحال، بناء على هذا، إذ المنافع لو تلفت لتلفت من ضمان المؤجر. وكذلك عنه في روايتان، والنزاع في ذلك معروف عن الصحابة ومن بعدهم. بيع المشتري للثمرة المشتراة قبل الجداد
والثانية: يجوز بمثل الأجرة، ولا يجوز بزيادة إلا إذا جدد فيها عمارة، فإن فعل تصدق بالزيادة. وهذا قول وطائفة. أبي حنيفة
والثالثة: لا يجوز إلا بإذن المؤجر.
والرابعة: يجوز مطلقا، كقول وكثير من العلماء. الشافعي
وكذلك يجوز على المشهور عنه للمش تري أن وعلى هذا فنقول: وجد القبض للمبيع، ولم يوجد كمال القبض الذي يوجب أن يتلف من ضمان المشتري والمستأجر. يبيع الثمرة قبل كمال صلاحها،
والدليل على أنه لم يوجد القبض التام أن البائع عليه سقي الثمرة إلى كمال صلاحها، فلو تلفت بالعطش كانت من ضمان البائع بلا نزاع. وإذا كان على البائع تمام التوفية علم أنه لم يوجد كمال القبض.