[ ص: 65 ] فتوى فيمن يدعي أن ثم غوثا وأقطابا وأبدالا
[ ص: 66 ] [ ص: 67 ] سئل شيخ الإسلام مفتي الأنام حبر الأمة
تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية رضي الله عنه وأرضاه، فيمن يدعي أن ثم غوثا وأقطابا وأبدالا وأولياء، وأن بهم يستسقى الغيث وتنزل الرحمة ويكشف العذاب، وإذا غضب الله على أحد من أهل الأرض وأراد أن ينزل غضبه، نظر إلى قلوب هؤلاء، فإن وجدهم راضين بذلك أنزل عذابه، وإلا رفعه، وكذلك الرحمة والنصر والرزق، وأن الغوث
بمكة مقيم. ومن يدعي أن هؤلاء المولهين والبهاليل الذين لا يصلون، ولا يتوقون نجاسة ولا غيرها.
فأجاب رضي الله عنه قائلا:
الحمد لله رب العالمين.
nindex.php?page=treesubj&link=28806الذي دل عليه الكتاب والسنة، وعليه سلف الأمة وخلفها الصالحون المتبعون للسلف -: أن لله تعالى أولياء، كما له أعداء، وأولياء الله هم المنعوتون في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الذين آمنوا وكانوا يتقون nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=907557 "يقول الله تعالى: من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره [ ص: 68 ] الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي. لئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه. وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته، ولا بد له منه".
فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - لما ذكر أولياء الله أنه ما يقرب العباد إليه بمثل أداء الفرائض، ثم ذكر أنه لا يزال العبد يتقرب إليه بالنوافل بعد الفرائض، حتى يحبه، فيصير العبد يسمع بالله، ويبصر بالله، ويبطش بالله، ويمشي بالله، فيصير سمعه وبصره ومشيه وبطشه بيده لرضا الله ومحبته، فإنه لما في قلبه من محبة الله وموالاته وعبادته وطاعته، يصير قلبه منيبا إلى الله، ويصير ممن هداه الله واجتباه، فيجتبي قلبه إليه، ويقذف من نوره في قلبه، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35الله نور السماوات والأرض مثل نوره قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب: مثل نوره في قلب المؤمن.
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا . فإذا جعل الله في قلبه من نوره صار بذلك النور يسمع ويبصر ويبطش ويمشي.
[ ص: 65 ] فَتْوَى فِيمَنْ يَدَّعِي أَنَّ ثَمَّ غَوْثًا وَأَقْطَابًا وَأَبْدَالًا
[ ص: 66 ] [ ص: 67 ] سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مُفْتِي الْأَنَامِ حَبْرُ الْأُمَّةِ
تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، فِيمَنْ يَدَّعِي أَنَّ ثَمَّ غَوْثًا وَأَقْطَابًا وَأَبْدَالًا وَأَوْلِيَاءَ، وَأَنَّ بِهِمْ يُسْتَسْقَى الْغَيْثُ وَتَنْزِلُ الرَّحْمَةُ وَيُكْشَفُ الْعَذَابُ، وَإِذَا غَضِبَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ وَأَرَادَ أَنْ يُنْزِلَ غَضَبَهُ، نَظَرَ إِلَى قُلُوبِ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ وَجَدَهُمْ رَاضِينَ بِذَلِكَ أَنْزَلَ عَذَابَهُ، وَإِلَّا رَفَعَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّحْمَةُ وَالنَّصْرُ وَالرِّزْقُ، وَأَنَّ الْغَوْثَ
بِمَكَّةَ مُقِيمٌ. وَمَنْ يَدَّعِي أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُوَلَّهِينَ وَالْبَهَالِيلَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ، وَلَا يَتَوَقَّوْنَ نَجَاسَةً وَلَا غَيْرَهَا.
فَأَجَابَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَائِلًا:
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
nindex.php?page=treesubj&link=28806الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَعَلَيْهِ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَخَلَفُهَا الصَّالِحُونَ الْمُتَّبِعُونَ لِلسَّلَفِ -: أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْلِيَاءَ، كَمَا لَهُ أَعْدَاءٌ، وَأَوْلِيَاءُ اللَّهِ هُمُ الْمَنْعُوتُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=62أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=63الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=64لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ .
وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=907557 "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ [ ص: 68 ] الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، فَبِي يَسْمَعُ، وَبِي يُبْصِرُ، وَبِي يَبْطِشُ، وَبِي يَمْشِي. لَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لَأُعِيذَنَّهُ. وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ قَبْضِ عَبْدِي الْمُؤْمِنِ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ، وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ".
فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا ذَكَرَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ أَنَّهُ مَا يَقْرُبُ الْعِبَادُ إِلَيْهِ بِمِثْلِ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ الْعَبْدُ يَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالنَّوَافِلِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ، حَتَّى يُحِبَّهُ، فَيَصِيرُ الْعَبْدُ يَسْمَعُ بِاللَّهِ، وَيُبْصِرُ بِاللَّهِ، وَيَبْطِشُ بِاللَّهِ، وَيَمْشِي بِاللَّهِ، فَيَصِيرُ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَمَشْيُهُ وَبَطْشُهُ بِيَدِهِ لِرِضَا اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ، فَإِنَّهُ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ وَمُوَالَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ، يَصِيرُ قَلْبُهُ مُنِيبًا إِلَى اللَّهِ، وَيَصِيرُ مِمَّنْ هَدَاهُ اللَّهُ وَاجْتَبَاهُ، فَيَجْتَبِي قَلْبَهُ إِلَيْهِ، وَيَقْذِفُ مِنْ نُورِهِ فِي قَلْبِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=122أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=28يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ.
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مَنْ عِبَادِنَا . فَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نُورِهِ صَارَ بِذَلِكَ النُّورِ يَسْمَعُ وَيُبْصِرُ وَيَبْطِشُ وَيَمْشِي.