[ ص: 293 ] nindex.php?page=treesubj&link=33869_33883رسالة إلى السلطان الملك الناصر في شأن التتار [ ص: 294 ] [ ص: 295 ] بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=39إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه [ ص: 296 ] وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون .
إلى سلطان المسلمين ، نصر الله به الدين ، وقمع به الكفار والمنافقين ، وأعز به الجند المؤمنين ، وأدالهم به على القوم المفسدين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير . ونسأله أن يصلي على
محمد عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما .
أما بعد ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=30470_29677الله قد تكفل بنصر هذا الدين إلى يوم القيامة ، وبظهوره على الدين كله ، وشهد بذلك ، وكفى بالله شهيدا . وأخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=660552لا تزال طائفة من أمته ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم إلى يوم القيامة ، وأخبر أنهم بالناحية الغربية عن
مكة والمدينة ، وهي أرض
الشام وما يليها .
كما أخبرنا أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=652711لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك ، قوما صغار [ ص: 297 ] الأعين دلف الآنف ، ينتعلون الشعر ، كأن وجوههم المجان المطرقة .
وأخبر أن أمته لا يزالون يقاتلون الأمم حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، حين ينزل
عيسى بن مريم من السماء على
المنارة البيضاء شرقي دمشق ، فيقتل المسلمون جنده القادم معه من يهود
أصبهان وغيرهم .
وأخبر - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=675663أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد دينها . ولا يكون التجديد إلا بعد استهدام .
وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=940059 "سألت ربي أن لا يسلط على أمتي عدوا من غيرهم فيجتاحهم ، فأعطانيها ، وسألته أن لا يهلكهم بسنة عامة ، فأعطانيها" .
وما زالت
nindex.php?page=treesubj&link=29629دلائل نبوته - صلى الله عليه وسلم - تظهر شيئا بعد شيء . وقد أظهر الله في هذه الفتنة من رحمته بهذه الأمة وجندها ما فيه عبرة ، حيث ابتلاهم بما يكفر به من خطاياهم ، ويقبل بقلوبهم على ربهم ، ويجمع كلمتهم على ولي أمرهم ، وينزع الفرقة والاختلاف من بينهم ،
[ ص: 298 ] ويحرك عزماتهم للجهاد في سبيل الله وقتال الخارجين عن شريعة الله .
فإن هذه الفتنة التي جرت ، وإن كانت مؤلمة للقلوب ، فما هي -إن شاء الله- إلا كالدواء الذي يسقاه المريض ليحصل له الشفاء والقوة . وقد كان في النفوس من الكبر والجهل والظلم ما لو حصل معه ما تشتهيه من العز لأعقبها ذلك بلاء عظيما . فرحم الله عباده برحمته التي هو أرحم بها من الوالدة بولدها ، وانكشف لعامة المسلمين شرقا وغربا حقيقة حال هؤلاء المفسدين الخارجين عن شريعة الإسلام وإن تكلموا بالشهادتين ، وعلم من لم يكن يعلم ما هم عليه من الجهل والظلم والنفاق والتلبيس والبعد عن شرائع الإسلام ومناهجه ، وحنت إلى العساكر الإسلامية نفوس كانت معرضة عنهم ، ولانت لهم قلوب كانت قاسية عليهم ، وأنزل الله عليهم من ملائكته وسكينته ما لم يكن في تلك الفتنة معهم ، وطابت نفوس أهل الإيمان ببذل النفوس والأموال للجهاد في سبيل الله ، وأعدوا العدة لجهاد عدو الله وعدوهم ، وانتبهوا من سنتهم ، واستيقظوا من رقدتهم ، وحمدوا الله على ما أنعم به من استعداد السلطان والعسكر للجهاد ، وما جمعه من الأموال للإنفاق في سبيل الله .
فإن
nindex.php?page=treesubj&link=34480_7918الله فرض على المسلمين الجهاد بالأموال والأنفس ،
nindex.php?page=treesubj&link=7927والجهاد واجب على كل مسلم قادر ، ومن لم يقدر أن يجاهد بنفسه فعليه أن يجاهد بماله إن كان له مال يتسع لذلك ، فإن الله فرض الجهاد بالأموال والأنفس . ومن كنز الأموال عند الحاجة إلى إنفاقها في الجهاد ، من الملوك أو الأمراء أو الشيوخ أو العلماء أو التجار أو الصناع أو الجند أو غيرهم ، فهو داخل في قوله سبحانه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34والذين يكنزون الذهب [ ص: 299 ] والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=35يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ، خصوصا إن كانت الأموال من أموال بيت المال ، أو أموال أخذت بالربا ونحوه ، أو لم تؤد زكاتها ولم تخرج حقوق الله منها .
[ ص: 293 ] nindex.php?page=treesubj&link=33869_33883رِسَالَةٌ إِلَى السُّلْطَانِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ فِي شَأْنِ التَّتَارِ [ ص: 294 ] [ ص: 295 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=9هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=10يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=11تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=12يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتٍ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=13وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=61&ayano=14يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارَ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلا قَلِيلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=39إِلا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهُ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ [ ص: 296 ] وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهُ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ .
إِلَى سُلْطَانِ الْمُسْلِمِينَ ، نَصَرَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ ، وَقَمَعَ بِهِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ ، وَأَعَزَّ بِهِ الْجُنْدَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَدَالَهُمْ بِهِ عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ .
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، فَإِنَّا نَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَهُوَ لِلْحَمْدِ أَهْلٌ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى
مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا .
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30470_29677اللَّهَ قَدْ تَكَفَّلَ بِنَصْرِ هَذَا الدِّينِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَبِظُهُورِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ، وَشَهِدَ بِذَلِكَ ، وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا . وَأَخْبَرَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=660552لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِهِ ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ بِالنَّاحِيَةِ الْغَرْبِيَّةِ عَنْ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَهِيَ أَرْضُ
الشَّامِ وَمَا يَلِيهَا .
كَمَا أَخْبَرَنَا أَنَّهُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=652711لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا التُّرْكَ ، قَوْمًا صِغَارَ [ ص: 297 ] الْأَعْيُنِ دُلْفَ الْآنُفِ ، يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرِقَةُ .
وَأَخْبَرَ أَنَّ أُمَّتَهُ لَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَ الْأُمَمَ حَتَّى يُقَاتِلُوا الْأَعْوَرَ الدَّجَّالَ ، حِينَ يُنْزِلُ
عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى
الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ ، فَيَقْتُلُ الْمُسْلِمُونَ جُنْدَهُ الْقَادِمَ مَعَهُ مِنْ يَهُودِ
أَصْبَهَانَ وَغَيْرِهِمْ .
وَأَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=675663أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ دِينَهَا . وَلَا يَكُونُ التَّجْدِيدُ إِلَّا بَعْدَ اسْتِهْدَامٍ .
وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=940059 "سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَى أُمَّتِي عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَيَجْتَاحُهُمْ ، فَأَعْطَانِيهَا ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ ، فَأَعْطَانِيهَا" .
وَمَا زَالَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=29629دَلَائِلُ نُبُوَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَظْهَرُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ . وَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ فِي هَذِهِ الْفِتْنَةِ مِنْ رَحْمَتِهِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ وَجُنْدِهَا مَا فِيهِ عِبْرَةٌ ، حَيْثُ ابْتَلَاهُمْ بِمَا يُكَفِّرُ بِهِ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، وَيُقْبِلُ بِقُلُوبِهِمْ عَلَى رَبِّهِمْ ، وَيَجْمَعُ كَلِمَتَهُمْ عَلَى وَلِيِّ أَمْرِهِمْ ، وَيَنْزِعُ الْفُرْقَةَ وَالِاخْتِلَافَ مِنْ بَيْنِهِمْ ،
[ ص: 298 ] وَيُحَرِّكُ عَزَمَاتِهِمْ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقِتَالِ الْخَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ اللَّهِ .
فَإِنَّ هَذِهِ الْفِتْنَةَ الَّتِي جَرَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ مُؤْلِمَةً لِلْقُلُوبِ ، فَمَا هِيَ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- إِلَّا كَالدَّوَاءِ الَّذِي يُسْقَاهُ الْمَرِيضُ لِيَحْصُلَ لَهُ الشِّفَاءُ وَالْقُوَّةُ . وَقَدْ كَانَ فِي النُّفُوسِ مِنَ الْكِبْرِ وَالْجَهْلِ وَالظُّلْمِ مَا لَوْ حَصَلَ مَعَهُ مَا تَشْتَهِيهِ مِنَ الْعِزِّ لَأَعْقَبَهَا ذَلِكَ بَلَاءً عَظِيمًا . فَرَحِمَ اللَّهُ عِبَادَهُ بِرَحْمَتِهِ الَّتِي هُوَ أَرْحَمُ بِهَا مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا ، وَانْكَشَفَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا حَقِيقَةُ حَالِ هَؤُلَاءِ الْمُفْسِدِينَ الْخَارِجِينَ عَنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَكَلَّمُوا بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَعَلِمَ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ وَالنِّفَاقِ وَالتَّلْبِيسِ وَالْبُعْدِ عَنْ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ وَمَنَاهِجِهِ ، وَحَنَّتْ إِلَى الْعَسَاكِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ نُفُوسٌ كَانَتْ مُعْرِضَةً عَنْهُمْ ، وَلَانَتْ لَهُمْ قُلُوبٌ كَانَتْ قَاسِيَةً عَلَيْهِمْ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَسَكِينَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي تِلْكَ الْفِتْنَةِ مَعَهُمْ ، وَطَابَتْ نُفُوسُ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِبَذْلِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَأَعَدُّوا الْعُدَّةَ لِجِهَادِ عَدُوِّ اللَّهِ وَعَدُوِّهِمْ ، وَانْتَبَهُوا مِنْ سِنَتِهِمْ ، وَاسْتَيْقَظُوا مِنْ رَقْدَتِهِمْ ، وَحَمِدُوا اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنِ اسْتِعْدَادِ السُّلْطَانِ وَالْعَسْكَرِ لِلْجِهَادِ ، وَمَا جَمَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ لِلْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34480_7918اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْجِهَادَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=7927وَالْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ قَادِرٍ ، وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُجَاهِدَ بِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ بِمَالِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَتَّسِعُ لِذَلِكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ فَرَضَ الْجِهَادَ بِالْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ . وَمَنْ كَنَزَ الْأَمْوَالَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَى إِنْفَاقِهَا فِي الْجِهَادِ ، مِنَ الْمُلُوكِ أَوِ الْأُمَرَاءِ أَوِ الشُّيُوخِ أَوِ الْعُلَمَاءِ أَوِ التُّجَّارِ أَوِ الصُّنَاعِ أَوِ الْجُنْدِ أَوْ غَيْرِهِمْ ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=34وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ [ ص: 299 ] وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=35يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ ، خُصُوصًا إِنْ كَانَتِ الْأَمْوَالُ مِنْ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ ، أَوْ أَمْوَالٍ أُخِذَتْ بِالرِّبَا وَنَحْوِهِ ، أَوْ لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهَا وَلَمْ تُخْرَجْ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْهَا .