أجوبة أدلة القائلين بتغاير الإيمان والإسلام
* وأما ما احتجوا به مما روي في بعض الحديث في الزاني أنه يخرج من الإيمان ، وينزع منه الإيمان ، ونحو ذلك ، فقد روينا [ ص: 536 ] عن أنه قال : ينزع منه نور الإيمان ، ونور الإيمان ليس هو كل الإيمان ، فإنما أراد بقوله : " ينزع منه الإيمان " بعض الإيمان لا كل الإيمان حتى لا يبقى فيه شيء من الإيمان ، فلو كان كذلك لكان كافرا ، إذ زال عنه اسم الإيمان بأسره ، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل : ابن عباس لأن " أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان " ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في قلوبهم أجزاء من الإيمان ، استحقوا بذلك اسم الإيمان ، ووجب لهم عليه الثواب ، لولا ذلك ما دخلوا الجنة ، لأنه من دخل النار ، فقد لقي الله بالكبائر ، لأن الله عز وجل قال في كتابه : ( لا يدخل الجنة من البالغين العاقلين من ليس بمؤمن ، وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : وفي بعض الحديث : " لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة " ، وليس ذلك بمتناقض ، ولا مختلف ، لأن معناهما واحد ، ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم " لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة " ، فيدخله الجنة ، علمنا أنه لم يدخله الجنة إلا وهو مسلم مؤمن . أن الله يخرج من النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان ،
قالوا : ومما يدل على بطلان قول من خالفنا ، ففرق بين الإيمان والإسلام ، وتحقيق قولنا : أنا وجدنا الله عز وجل افترض الفرائض ، وأحل الحلال ، وحرم الحرام ، ووضع الأحكام ، والحدود بين المسلمين على اسم الإيمان ، لا على اسم الإسلام ، فزعم هؤلاء أن من أتى كبيرة ، فهو خارج [ ص: 537 ] من الإيمان ، وليس بمؤمن ، ثم حكموا عليه ، وله بأحكام المؤمنين ، ولو كان الأمر كما قالوا فيمن أتى كبيرة للزم إسقاط عامة الفرائض ، والأحكام ، والحدود التي أوجبها على المؤمنين عن من أتى كبيرة ، لأن اسم الإيمان قد زال عنه ، وفي ذلك خروج من أحكام الكتاب ، ومما أجمعت عليه الأمة .
فإن قالوا : إنما أجرينا عليه أحكام المؤمنين ، لأنه مسلم عندنا ، وإن لم يكن مؤمنا .
قيل لهم : فإنما أوجب الله عز وجل الفرائض ، والحلال ، والحرام على المؤمنين باسم الإيمان لا باسم الإسلام ، قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) الآية .
وقال : ( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ) .
وقال : ( قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة ) .
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) .
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ) . [ ص: 538 ]
و ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ، ومما أخرجنا لكم من الأرض ) الآية .
و ( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ) .
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ) .
و ( يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه ) .
و ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) .
وقال : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) .
( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ) .
وقال : ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة ) إلى قوله : ( وحرم ذلك على المؤمنين ) .
وقال : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون ) .