بقية الجواب عن القائلين بمغايرة الإيمان والإسلام :
* قال وأما احتجاجهم بأن الله جعل اسم مؤمن اسم ثناء ، وتزكية ، وأوجب عليه الجنة ، ثم أوجب النار على الكبائر ، فدل بذلك على أن اسم الإيمان زائل عن كل من أتى كبيرة ، فإنا نقول : إن أبو عبد الله : اسم بالخروج من ملل الكفر ، والدخول في الإسلام ، وبه تجب الفرائض التي أوجبها الله على المؤمنين ، ويجري عليه الأحكام ، والحدود التي جعلها الله بين المؤمنين ، واسم يلزم بكمال الإيمان ، وهو اسم ثناء وتزكية ، يجب به دخول الجنة ، والفوز من النار ، فالمؤمنون الذين خاطبهم الله بالفرائض ، والحلال ، والحرام ، والأحكام ، والحدود الذين لزمهم الاسم بالدخول في الإسلام بالإقرار ، والتصديق ، والخروج من ملل الكفر ، والمؤمنون الذين زكاهم ، وأثنى عليهم ، ووعدهم الجنة هم الذين أكملوا إيمانهم باجتناب كل المعاصي ، واجتناب الكبائر ، دل على ذلك في آيات كثيرة ، نعت فيها المؤمنين ، ثم وعدهم الجنة [ ص: 568 ] على تلك النعوت ، قال الله : ( اسم المؤمن قد يطلق على وجهين : بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ) .
ثم قال : ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار ) يريد هؤلاء الذين نعتهم بهذه النعوت .
وقال : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ) ، فوصفهم بالأعمال الصالحة ، ثم أوجب لهم الجنة ، وقال : ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون ) إلى قوله : ( أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) ، فأوجب لهم الجنة ، بعدما وصفهم بالأعمال التي بها يكمل الإيمان ، وقال : ( ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا ماكثين فيه أبدا ) .
وقال : ( ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ، فأولئك لهم الدرجات العلا ) . [ ص: 569 ]
612 - يروى عن في قوله : ( الحسن ، ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات ) قد أكمل إيمانه .