قول طائفة ثالثة باتحاد الإيمان والإسلام
* قال وقالت طائفة ثالثة ، وهم الجمهور الأعظم من أبو عبد الله : أهل السنة والجماعة ، وأصحاب الحديث : ، [ ص: 530 ] وارتضاه لعباده ، ودعاهم إليه ، وهو ضد الكفر الذي سخطه ، فقال : ( الإيمان الذي دعا الله العباد إليه ، وافترضه عليهم هو الإسلام الذي جعله دينا ولا يرضى لعباده الكفر ) .
وقال : ( ورضيت لكم الإسلام دينا ) .
وقال : ( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ) .
وقال : ( أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ) .
فمدح الله الإسلام بمثل ما مدح به الإيمان ، وجعله اسم ثناء ، وتزكية ، فأخبر أن من أسلم ، فهو على نور من ربه ، وهدى ، وأخبر أنه دينه الذي ارتضاه ، فقد أحبه ، وامتدحه ، ألا ترى أن أنبياء الله ، ورسله رغبوا فيه إليه ، وسألوه إياه ، فقال إبراهيم خليل الرحمن ، وإسماعيل ذبيحه : ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) .
وقال يوسف : ( توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) .
وقال : ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) .
وقال : ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا ) . [ ص: 531 ]
وقال في موضع آخر : ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم ) . إلى قوله : ( ونحن له مسلمون فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ) .
فحكم الله بأن من أسلم ، فقد اهتدى ، ومن آمن فقد اهتدى ، فقد سوى بينهما .