270 - حدثنا ثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد ، ثنا يحيى بن سعيد القطان ، أبو حيان التيمي ، قال : حدثني عن أبو زرعة بن عمرو بن جرير ، قال : أبي هريرة ،
قال : " يجمع الله الأولين ، والآخرين في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي ، وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس ، فيبلغ الناس من الكرب والغم ما لا يطيقون ، [ ص: 280 ] ولا يحملون ، فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترون إلى ما أنتم فيه ؟ ! ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ ! فيقول بعض الناس : آدم ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا آدم! أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وعلمك أسماء كل شيء ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ! ألا ترى ما قد بلغنا ؟ ! فيقول آدم : إن ربي قد غضب اليوم غضبا ، لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، أربع مرات ، اذهبوا إلى نوح! .
فيأتون نوحا ، فيقولون : يا نوح! ، أنت أول الرسل إلى أهل الأرض ، وسماك الله عبدا شكورا ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم نوح : إن ربي قد غضب اليوم غضبا ، لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى إبراهيم .
فيأتون إبراهيم فيقولون : يا إبراهيم! ، أنت نبي الله ، وخليله من أهل الأرض ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ! فيقول : إن ربي قد غضب اليوم غضبا ، لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى! .
فيأتون موسى فيقولون : يا موسى! ، أنت رسول الله ، الذي اصطفاك الله [ ص: 281 ] برسالته ، وبكلمته على الناس ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ ! فيقول لهم موسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا ، لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، إني قتلت نفسا لم أؤمر بقتلها ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى عيسى .
فيقولون : يا عيسى! ، أنت رسول الله ، وكلمة منه ، ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، وكلمت الناس في المهد ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ! ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ ! فيقول لهم عيسى : إن ربي قد غضب اليوم غضبا ، لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله ، ولم يذكر له ذنبا ، نفسي ، نفسي نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى محمد! .
فيأتوني ، فيقولون : يا محمد ، أنت رسول الله ، وخاتم الأنبياء ، غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ، ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ فأقوم فآتي تحت العرش ، فأقع ساجدا لربي ، ثم يفتح الله علي ، ويلهمني من محامده ، وحسن الثناء عليه ، شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ، فيقال : " يا محمد! ، ارفع رأسك ، وسل تعطه ، واشفع ، تشفع! " ، فأقول : يا رب! ، أمتي أمتي! ، يا رب! أمتي أمتي! ، يا رب أمتي أمتي! ، فيقول : " يا محمد! ، أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن ، وهم شركاء الناس ، فيما سوى ذلك من الأبواب ، والذي [ ص: 282 ] نفس محمد بيده ، لما بين مصراعين من مصاريع الجنة ، لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى " . أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلحم ، فدفع إليه الذراع ، وكانت تعجبه ، فنهس منها نهسة ، فقال : " أنا سيد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون لم ذاك ؟ ! .