قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ولكن أكثرهم لا يعلمون ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين .
[ ص: 236 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال
ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=12107وأبو عمران الجوني وأبو عبيدة : فارغا أي خاليا من ذكر كل شيء في الدنيا إلا من ذكر
موسى وقال
الحسن أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق وابن زيد : فارغا من الوحي إذ أوحى إليها حين أمرت أن تلقيه في البحر
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7ولا تخافي ولا تحزني والعهد الذي عهده إليها أن يرده ويجعله من المرسلين ; فقال لها الشيطان : يا أم
موسى كرهت أن يقتل فرعون
موسى فغرقتيه أنت ! ثم بلغها أن ولدها وقع في يد فرعون فأنساها عظم البلاء ما كان من عهد الله إليها وقال
أبو عبيدة : فارغا من الغم والحزن لعلمها أنه لم يغرق ; وقاله
الأخفش أيضا وقال
العلاء بن زياد : فارغا نافرا
الكسائي : ناسيا ذاهلا وقيل : والها ; رواه
سعيد بن جبير .
ابن القاسم عن
مالك : هو ذهاب العقل ; والمعنى أنها حين سمعت بوقوعه في يد فرعون طار عقلها من فرط الجزع والدهش ، ونحوه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43وأفئدتهم هواء أي جوف لا عقول لها كما تقدم في سورة ( إبراهيم ) وذلك أن القلوب مراكز العقول ; ألا ترى إلى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=46فتكون لهم قلوب يعقلون بها ويدل عليه قراءة من قرأ : ( فزعا )
النحاس : أصح هذه الأقوال الأول ، والذين قالوه أعلم بكتاب الله عز وجل ; فإذا كان فارغا من كل شيء إلا من ذكر
موسى فهو فارغ من الوحي . وقول
أبي عبيدة : فارغا من الغم . غلط قبيح ; لأن بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها وروى
سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال : كادت تقول : واابناه ! وقرأ
فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه
ومحمد بن السميقع nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية وابن محيصن : ( فزعا ) بالفاء والعين المهملة من الفزع ، أي خائفة عليه أن يقتل
ابن عباس : ( قرعا ) بالقاف والراء والعين المهملتين ، وهي راجعة إلى قراءة الجماعة ( فارغا ) ولذلك قيل للرأس الذي لا شعر عليه : أقرع ; لفراغه من الشعر وحكى
قطرب أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قرأ : ( فرغا ) : بالفاء والراء والغين المعجمة من غير ألف ، وهو كقولك : هدرا وباطلا ; يقال : دماؤهم بينهم فرغ أي هدر ; والمعنى بطل قلبها وذهب وبقيت لا قلب لها من شدة ما ورد عليها . وفي قوله تعالى : ( وأصبح ) وجهان : أحدهما : أنها ألقته ليلا فأصبح فؤادها في النهار فارغا . الثاني : ألقته نهارا ، ومعنى : ( وأصبح ) أي صار ; كما قال الشاعر :
مضى الخلفاء بالأمر الرشيد وأصبحت المدينة للوليد
[ ص: 237 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10إن كادت لتبدي به أي إنها كادت ; فلما حذفت الكناية سكنت النون فهي ( إن ) المخففة ولذلك دخلت اللام في ( لتبدي به ) أي لتظهر أمره ; من : بدا يبدو : إذا ظهر . قال
ابن عباس : أي تصيح عند إلقائه : واابناه
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كادت تقول لما حملت لإرضاعه وحضانته : هو ابني . وقيل : إنه لما شب سمعت الناس يقولون :
موسى ابن فرعون ; فشق عليها وضاق صدرها ، وكادت تقول : هو ابني ، وقيل : الهاء في ( به ) عائدة إلى الوحي ، تقديره : إن كادت لتبدي بالوحي الذي أوحيناه إليها أن نرده عليها ، والأول أظهر . قال
ابن مسعود : كادت تقول : أنا أمه . وقال
الفراء : إن كادت لتبدي باسمه لضيق صدرها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10لولا أن ربطنا على قلبها قال
قتادة : بالإيمان
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : بالعصمة وقيل : بالصبر . والربط على القلب : إلهام الصبر
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10لتكون من المؤمنين أي من المصدقين بوعد الله حين قال لها :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=7إنا رادوه إليك وقال ( لتبدي به ) ولم يقل ( لتبديه ) لأن حروف الصفات قد تزاد في الكلام ; تقول : أخذت الحبل وبالحبل . وقيل : أي لتبدي القول به .
nindex.php?page=treesubj&link=28999قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11وقالت لأخته قصيه أي قالت أم
موسى لأخت
موسى : اتبعي أثره حتى تعلمي خبره . واسمها
مريم بنت عمران ; وافق اسمها اسم
مريم أم
عيسى عليه السلام ; ذكره
السهيلي والثعلبي وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي عن
الضحاك : أن اسمها
كلثمة وقال
السهيلي :
كلثوم ; جاء ذلك في حديث رواه
الزبير بن بكار nindex.php?page=hadith&LINKID=864403أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال nindex.php?page=showalam&ids=10640لخديجة : أشعرت أن الله زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون فقالت : الله أخبرك بهذا ؟ فقال : نعم ، فقالت : بالرفاء والبنين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11فبصرت به عن جنب أي بعد ; قال
مجاهد ومنه الأجنبي .
قال الشاعر :
فلا تحرمني نائلا عن جنابة فإني امرؤ وسط القباب غريب
وأصله : عن مكان جنب . وقال
ابن عباس : عن جنب ، أي عن جانب ، وقرأ
النعمان بن سالم : ( عن جانب ) أي عن ناحية . وقيل : عن شوق ; وحكى
أبو عمرو بن العلاء أنها لغة
لجذام ; يقولون : جنبت إليك ، أي : اشتقت . وقيل : عن جنب ، أي عن مجانبة لها منه فلم يعرفوا أنها أمه بسبيل . وقال
قتادة : جعلت تنظر إليه بناحية كأنها لا تريده ، وكان يقرأ : ( عن جنب )
[ ص: 238 ] بفتح الجيم وإسكان النون
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11وهم لا يشعرون أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه .
nindex.php?page=treesubj&link=28999قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وحرمنا عليه المراضع من قبل أي منعناه من الارتضاع من قبل ; أي من قبل مجيء أمه وأخته و ( المراضع ) جمع مرضع . ومن قال : مراضيع ، فهو جمع ( مرضاع ) و ( مفعال ) يكون للتكثير ، ولا تدخل الهاء فيه فرقا بين المؤنث والمذكر لأنه ليس بجار على الفعل ، ولكن من قال : ( مرضاعة ) : جاء بالهاء للمبالغة ; كما يقال : مطرابة . قال
ابن عباس : لا يؤتى بمرضع فيقبلها وهذا تحريم منع لا تحريم شرع ; قال
امرؤ القيس :
جالت لتصرعني فقلت لها اقصري إني امرؤ صرعي عليك حرام
أي ممتنع .
فلما رأت أخته ذلك قالت :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم الآية . فقالوا لها عند قولها :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وهم له ناصحون وما يدريك ؟ لعلك تعرفين أهله ؟ فقالت : لا ، ولكنهم يحرصون على مسرة الملك ، ويرغبون في ظئره وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : قيل لها لما قالت :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وهم له ناصحون قد عرفت أهل هذا الصبي فدلينا عليهم ، فقالت : أردت وهم للملك ناصحون . فدلتهم على أم
موسى ، فانطلقت إليها بأمرهم فجاءت بها ، والصبي على يد فرعون يعلله شفقة عليه ، وهو يبكي يطلب الرضاع ، فدفعه إليها ; فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها . وقال
ابن زيد استرابوها حين قالت ذلك فقالت : وهم للملك ناصحون . وقيل : إنها لما قالت :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وكانوا يبالغون في طلب مرضعة يقبل ثديها ، فقالوا : من هي ؟ فقالت : أمي ، فقيل : لها لبن ؟ قالت : نعم ! لبن
هارون وكان ولد في سنة لا يقتل فيها الصبيان ، فقالوا : صدقت والله .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وهم له ناصحون أي فيهم شفقة ونصح ، فروي أنه قيل لأم
موسى حين ارتضع منها : كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك ؟ فقالت : إني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن ، لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني . قال
أبو عمران الجوني : وكان فرعون يعطي أم
موسى كل يوم دينارا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت كيف حل لها أن تأخذ الأجر على إرضاع ولدها ؟ قلت : ما كانت تأخذه على أنه أجر على الرضاع ، ولكنه مال حربي تأخذه على وجه الاستباحة .
nindex.php?page=treesubj&link=28999قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=13فرددناه إلى أمه أي رددناه وقد عطف الله قلب العدو عليه ، ووفينا لها بالوعد
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=13كي تقر عينها أي بولدها . ( ولا تحزن ) أي بفراق ولدها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=13ولتعلم أن وعد الله حق أي لتعلم وقوعه ، فإنها كانت عالمة بأن رده إليها سيكون .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=13ولكن أكثرهم لا يعلمون [ ص: 239 ] يعني أكثر
آل فرعون لا يعلمون ; أي كانوا في غفلة عن التقرير وسر القضاء وقيل : أي أكثر الناس لا يعلمون أن وعد الله في كل ما وعد حق .
nindex.php?page=treesubj&link=28999قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=14ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما قد مضى الكلام في الأشد في ( الأنعام ) وقول
ربيعة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك أنه الحلم أولى ما قيل فيه ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6حتى إذا بلغوا النكاح فإن ذلك أول الأشد ، وأقصاه أربع وثلاثون سنة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، واستوى قال
ابن عباس : بلغ أربعين سنة . والحكم : الحكمة قبل النبوة وقيل : الفقه في الدين . وقد مضى بيانها في ( البقرة ) وغيرها . والعلم : الفهم في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي وقيل : النبوة ، وقال
مجاهد : الفقه .
محمد بن إسحاق : أي العلم بما في دينه ودين آبائه ، وكان له تسعة من
بني إسرائيل يسمعون منه ، ويقتدون به ويجتمعون إليه ، وكان هذا قبل النبوة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=14وكذلك نجزي المحسنين أي كما جزينا أم
موسى لما استسلمت لأمر الله ، وألقت ولدها في البحر ، وصدقت بوعد الله ، فرددنا ولدها إليها بالتحف والطرف وهي آمنة ، ثم وهبنا له العقل والحكمة والنبوة ، وكذلك نجزي كل محسن .