قال تعالى : ( وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون ( 74 ) وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين ( 75 ) إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون ( 76 ) وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين ( 77 ) إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم ( 78 ) فتوكل على الله إنك على الحق المبين ( 79 ) إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين ( 80 ) وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون ( 81 ) ) .
قوله تعالى : ( ما تكن ) : من أكننت .
و ( لا تسمع ) : بالضم على إسناد الفعل إلى المخاطب .
( وما أنت بهادي العمي ) : على الإضافة . وبالتنوين والنصب على إعمال اسم الفاعل . وتهدي على أنه فعل [ ص: 285 ] و ( عن ) : يتعلق بـ " هادي " وعداه بعن ، لأن معناه تصرف ؛ ويجوز أن تتعلق بالعمي ، ويكون المعنى أن العمى صدر عن ضلالتهم .
قال تعالى : ( تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض ( 82 ) ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون ( 83 ) حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أم ماذا كنتم تعملون ( 84 ) ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون ( 85 ) ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ( 86 ) ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين ( 87 ) ) .
قوله تعالى : ( تكلمهم ) : يقرأ بفتح التاء وكسر اللام مخففا بمعنى تسمهم وتعلم فيهم ، من : كلمه ، إذا جرحه .
ويقرأ بالضم والتشديد ، وهو بمعنى الأول ، إلا أنه شدد للتكثير ؛ ويجوز أن يكون من الكلام .
( أن الناس ) بالكسر على الاستئناف . وبالفتح ، أي تكلمهم بأن الناس ، أو تخبرهم بأن الناس ، أو لأن الناس .
( ويوم نحشر ) : أي واذكر يوم . وكذلك " ويوم ينفخ في الصور ففزع " بمعنى : فيفزع .
و ( كل أتوه ) : على الفعل ، وآتوه - بالمد على أنه اسم .
و ( داخرين ) : حال .
قال تعالى : ( وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون وترى الجبال تحسبها جامدة ( 88 ) ) .
قوله تعالى : ( تحسبها ) : الجملة حال من الجبال ، أو من الضمير في " ترى " .
( وهي تمر ) : حال من الضمير المنصوب في " تحسبها " ولا يكون حالا من الضمير في " جامدة " إذ لا يستقيم أن تكون جامدة مارة مر السحاب ؛ والتقدير : مرا مثل مر [ ص: 286 ] السحاب : و ( صنع الله ) : مصدر عمل فيه ما دل عليه " تمر " لأن ذلك من صنعه سبحانه ؛ فكأنه قال : أصنع ذلك صنعا ، وأظهر الاسم لما لم يذكر .
قال تعالى : ( وهم من فزع يومئذ آمنون من جاء بالحسنة فله خير منها ( 89 ) ) .
قال تعالى : ( خير منها ) : يجوز أن يكون المعنى أفضل منها ، فيكون " من " في موضع نصب . ويجوز أن يكون بمعنى فضل فيكون " منها " في موضع رفع صفة لخير ؛ أي فله خير حاصل بسببها .
( من فزع ) : بالتنوين . ( يومئذ ) : بالنصب .
ويقرأ : " من فزع يومئذ " بالإضافة ؛ وقد ذكر مثله في هود عند قوله : ( ومن خزي يومئذ ) [ سورة هود : 66 ] .
قال تعالى : ( هل تجزون إلا ما كنتم تعملون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار ( 90 ) ) .
قال تعالى : ( هل تجزون ) : أي يقال لهم ، وهو في موضع نصب على الحال ؛ أي فكبت وجوههم مقولا لهم هل تجزون .
قال تعالى : ( الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة ( 91 ) ) .
قوله تعالى : ( الذي حرمها ) : هو صفة لرب . وقرئ : " التي " على الصفة للبلدة . والله أعلم .