[ ص: 339 ] قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21وكذلك أعثرنا عليهم أي أطلعنا عليهم وأظهرناهم . و " أعثر " تعدية عثر بالهمزة ، وأصل العثار في القدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21ليعلموا أن وعد الله حق يعني الأمة المسلمة الذين بعث
أهل الكهف على عهدهم . وذلك أن
دقيانوس مات ومضت قرون وملك أهل تلك الدار رجل صالح ، فاختلف أهل بلده في الحشر
nindex.php?page=treesubj&link=30337وبعث الأجساد من القبور ، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه وقالوا : إنما تحشر الأرواح والجسد تأكله الأرض . وقال بعضهم : تبعث الروح والجسد جميعا ; فكبر ذلك على الملك وبقي حيران لا يدري كيف يتبين أمره لهم ، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد وتضرع إلى الله - تعالى - في حجة وبيان ، فأعثر الله على
nindex.php?page=treesubj&link=32007أهل الكهف ; فيقال : إنهم لما بعثوا أحدهم بورقهم إلى المدينة ليأتيهم برزق منها استنكر شخصه واستنكرت دراهمه لبعد العهد ، فحمل إلى الملك وكان صالحا قد آمن من معه ، فلما نظر إليه قال : لعل هذا من الفتية الذين خرجوا على عهد
دقيانوس الملك ، فقد كنت أدعو الله أن يرينيهم ، وسأل الفتى فأخبره ; فسر الملك بذلك وقال : لعل الله قد بعث لكم آية ، فلنسر إلى الكهف معه ، فركب مع أهل المدينة إليهم ، فلما دنوا إلى الكهف قال
تمليخا : أنا أدخل عليهم لئلا يرعبوا فدخل عليهم فأعلمهم الأمر وأن الأمة أمة إسلام ، فروي أنهم سروا بذلك وخرجوا إلى الملك وعظموه وعظمهم ثم رجعوا إلى كهفهم . وأكثر الروايات على أنهم ماتوا حين حدثهم
تمليخا ميتة الحق ، على ما يأتي . ورجع من كان شك في بعث الأجساد إلى اليقين . فهذا معنى أعثرنا عليهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21ليعلموا أن وعد الله حق أي ليعلم الملك ورعيته أن القيامة حق والبعث حق
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21إذ يتنازعون بينهم أمرهم . وإنما استدلوا بذلك الواحد على خبرهم وهابوا الدخول عليهم .
فقال الملك : ابنوا عليهم بنيانا ; فقال الذين هم على دين الفتية : اتخذوا عليهم مسجدا . وروي أن طائفة كافرة قالت : نبني بيعة أو مضيفا ، فمانعهم المسلمون وقالوا
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=21لنتخذن عليهم مسجدا . وروي أن بعض القوم ذهب إلى طمس الكهف عليهم وتركهم فيه مغيبين . وروي عن
عبد الله بن عمر أن الله - تعالى - أعمى على الناس حينئذ أثرهم وحجبهم عنهم ، فذلك دعا إلى بناء البنيان ليكون معلما لهم . وقيل : إن الملك أراد أن يدفنهم في صندوق من ذهب
[ ص: 340 ] فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ; فإنا من التراب خلقنا وإليه نعود ، فدعنا .
وتنشأ هنا مسائل ممنوعة وجائزة ;
nindex.php?page=treesubj&link=24594فاتخاذ المساجد على القبور والصلاة فيها والبناء عليها ، إلى غير ذلك مما تضمنته السنة من النهي عنه ممنوع لا يجوز ; لما روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835591لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج . قال
الترمذي : وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة حديث
ابن عباس حديث حسن . وروى الصحيحان عن
عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=835592أن أم حبيبة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله - تعالى - يوم القيامة . لفظ
مسلم . قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد . وروى الأئمة عن
أبي مرثد الغنوي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835383لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها لفظ
مسلم . أي لا تتخذوها قبلة فتصلوا عليها أو إليها كما فعل
اليهود والنصارى ، فيؤدي إلى عبادة من فيها كما كان السبب في عبادة الأصنام . فحذر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مثل ذلك ، وسد الذرائع المؤدية إلى ذلك فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835593اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد . وروى الصحيحان عن
عائشة nindex.php?page=showalam&ids=11وعبد الله بن عباس قالا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835594لما نزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا . وروى
مسلم عن
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835595نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى [ ص: 341 ] عليه . وخرجه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي أيضا عن
جابر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835596نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ . قال
الترمذي : هذا حديث حسن صحيح . وروى الصحيح عن
أبي الهياج الأسدي قال : قال لي
علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=835597ألا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا إلا سويته - في رواية -
nindex.php?page=hadith&LINKID=835598ولا صورة إلا طمستها . وأخرجه
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي . قال علماؤنا : ظاهره منع
nindex.php?page=treesubj&link=32914تسنيم القبور ورفعها وأن تكون لاطئة . وقد قال به بعض أهل العلم . وذهب الجمهور إلى أن هذا الارتفاع المأمور بإزالته هو ما زاد على التسنيم ، ويبقى للقبر ما يعرف به ويحترم ، وذلك
nindex.php?page=treesubj&link=32914صفة قبر نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه - رضي الله عنهما - على ما ذكر
مالك في الموطإ - وقبر أبينا
آدم - صلى الله عليه وسلم - ، على ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث
ابن عباس . وأما تعلية البناء الكثير على نحو ما كانت الجاهلية تفعله تفخيما وتعظيما فذلك يهدم ويزال ; فإن فيه استعمال زينة الدنيا في أول منازل الآخرة ، وتشبها بمن كان يعظم القبور ويعبدها . وباعتبار هذه المعاني وظاهر النهي أن ينبغي أن يقال : هو حرام . والتسنيم في القبر : ارتفاعه قدر شبر ; مأخوذ من سنام البعير . ويرش عليه بالماء لئلا ينتثر بالريح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا بأس أن يطين القبر . وقال
أبو حنيفة : لا يجصص القبر ولا يطين ولا يرفع عليه بناء فيسقط . ولا بأس بوضع الأحجار لتكون علامة ; لما رواه
أبو بكر الأثرم قال : حدثنا
مسدد حدثنا
نوح بن دراج عن
nindex.php?page=showalam&ids=11793أبان بن تغلب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد قال : كانت
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزور قبر
حمزة بن عبد المطلب كل جمعة وعلمته بصخرة ; ذكره
أبو عمر .
وأما الجائزة :
nindex.php?page=treesubj&link=2217_2218فالدفن في التابوت ; وهو جائز لا سيما في الأرض الرخوة . روي أن
دانيال - صلوات الله عليه - كان في تابوت من حجر ، وأن
يوسف - عليه السلام - أوصى بأن يتخذ له تابوت من زجاج ويلقى في ركية مخافة أن يعبد ، وبقي كذلك إلى زمان
موسى - صلوات الله
[ ص: 342 ] عليهم أجمعين - ; فدلته عليه عجوز فرفعه ووضعه في حظيرة
إسحاق - عليه السلام - . وفي الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أنه قال في مرضه الذي هلك فيه : اتخذوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا ; كما صنع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - . اللحد : هو أن يشق في الأرض ثم يحفر قبر آخر في جانب الشق من جانب القبلة إن كانت الأرض صلبة يدخل فيه الميت ويسد عليه باللبن . وهو أفضل عندنا من الشق ; لأنه الذي اختاره الله - تعالى - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - . وبه قال
أبو حنيفة قال :
nindex.php?page=treesubj&link=2200السنة اللحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الشق . ويكره
nindex.php?page=treesubj&link=2200الآجر في اللحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا بأس به لأنه نوع من الحجر . وكرهه
أبو حنيفة وأصحابه ; لأن الآجر لإحكام البناء ، والقبر وما فيه للبلى ، فلا يليق به الإحكام . وعلى هذا يسوى بين الحجر والآجر . وقيل : إن الآجر أثر النار فيكره تفاؤلا ; فعلى هذا يفرق بين الحجر والآجر . قالوا : ويستحب اللبن والقصب لما روي أنه
وضع على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - حزمة من قصب . وحكي عن الشيخ
الإمام أبي بكر محمد بن الفضل الحنفي - رحمه الله - أنه جوز اتخاذ التابوت في بلادهم لرخاوة الأرض . وقال : لو اتخذ تابوت من حديد فلا بأس به ، لكن ينبغي أن يفرش فيه التراب وتطين الطبقة العليا مما يلي الميت ، ويجعل اللبن الخفيف على يمين الميت ويساره ليصير بمنزلة اللحد .
قلت : ومن هذا المعنى جعل القطيفة في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ; فإن
المدينة سبخة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=835599قال شقران : أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر . قال
أبو عيسى الترمذي : حديث
شقران حديث حسن غريب .