. وإذا جاء في أسمائه الضار والنافع ، والخافض والرافع ، والمعز والمذل ، والمعطي والمانع ، فإنما تقال مقترنة مزدوجة ، لا يفرد الضار عن النافع ، ولا المانع عن المعطي ؛ إذ المقصود بيان عموم فعله وشمول عدله وفضله
وجاء في القرآن : بيدك الخير [آل عمران :26] ، وفي القرآن : أحسن كل شيء خلقه [السجدة :7] ، وفي القرآن : صنع الله الذي أتقن كل شيء [النمل :88] ، وفي حديث الاستفتاح الصحيح : ، فالشر في القرآن إما أن يضاف إلى الرب أو لا ، فإن أضيف إليه كان بطريق العموم فقط ، وإن لم يضف إليه فإما أن يحذف فاعله أو يضاف إلى السبب . «والخير بيديك ، والشر ليس إليك »
فالأول كقوله : خالق كل شيء [الأنعام :102] ، وقوله : فمن يرد الله أن يهديه ومن يرد أن يضله [الأنعام :125] ، وقوله : رب العالمين [الفاتحة :2] ، وقوله : يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا [البقرة :26] ، وقوله : أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو [ ص: 55 ] العذاب الأليم [الحجر :49 - 50] ، وقوله : ومن يطع الله ورسوله يدخله . . . الآية [النساء :13] ، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله . . . الآية [النساء :14] ، وقوله : فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما [الكهف :82] . وهذا كثير ، إما أن يجمع الاسم والقول العام للنوعين ، وإما أن يفصل نوعي الخير والشر من الآلام وأسبابها .
وأما إضافته إلى السبب فكقوله : من شر ما خلق [الفلق :2] ، وقوله : وإذا مرضت فهو يشفين [الشعراء :80] ، وقوله : فأردت أن أعيبها [الكهف :79] ، وقوله : إن النفس لأمارة بالسوء [يوسف :53] ، وقوله : هذا من عمل الشيطان [القصص :15] ونظائره .
وأما حذف الفاعل فكقوله : غير المغضوب عليهم ولا الضالين [الفاتحة :7] ، وقول الجن : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا [الجن :10] . وهذا مثل قول الصحابة كأبي بكر وعمر وغيرهم : «فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان ، [ ص: 56 ] والله ورسوله بريئان منه » . وكذلك قول وابن مسعود الخضر : فأردت أن أعيبها ، فأردنا أن يبدلهما ربهما ، فأراد ربك أن يبلغا أشدهما . وهذا باب واسع ليس هذا موضعه .