فقول القائل في العقل: هل هو حجة؟
nindex.php?page=treesubj&link=28446إن أراد به هل يعرف بالعقل شيء من العلوم الإلهية وغيرها بدون الرسل، فلا ريب أن العقول يعرف بها كثير من العلوم مع قطع النظر عن الشرائع.
وإن أراد به هل تقوم الحجة على العباد بمجرد عقولهم، فيعاقبهم الله على كفرهم لمخالفتهم مجرد العقل، من غير أن يبعث الله إليهم رسولا؟ فالذي عليه جمهور المسلمين: أن الله تعالى لا يعذب أحدا
[ ص: 370 ] حتى يبعث إليه رسولا، كما نطق بذلك الكتاب والسنة. وإذا جاء الرسول بالآيات ثبت الوجوب، ولزم العباد أن يؤمنوا به، واستحقوا الذم والعقاب إذا لم يؤمنوا، سواء نظروا أو لم ينظروا، فالوجوب لا يتوقف على النظر باتفاق الناس، وشرط العقاب التمكن من العلم والعمل. والعبد متمكن من معرفة صدق الرسول، فإذا لم ينظر ولم يعلم كان مفرطا مستحقا للعقاب.
وقول السائل: بم تثبت النبوات؟
فثبوتها في نفس الأمر بإنباء الله للأنبياء وإرساله الرسل. وأما ثبوتها في أنفسنا وعلمنا بها بالآيات والبراهين التي جاءت بها الأنبياء عليهم السلام، فاستدللنا بعقولنا بتلك الأدلة والآيات على صدقهم، كما يستدل بكل دليل صحيح على مدلوله.
وقوله: بم استدل به
إبراهيم عليه السلام؟
فيقال: استدل بالأدلة العقلية، لكنه استدل بالأفول -الذي هو الاحتجاب والمغيب- على أن من كان كذلك لا يصلح أن يتخذ ربا، فإن قومه كانوا يعبدون الكواكب والأصنام لظنهم أن ذلك ينفعهم، وكانوا يشركون بالله، ولم يكونوا منكرين للصانع.
ولا أراد إبراهيم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76هذا ربي أن هذا خالق السموات والأرض; فإن هذا لا يقوله عاقل، ولم يقله أحد من بني آدم، ولا استدل بالحركة والانتقال على انتفاء هذا المطلوب، بل ما زال الكوكب من
[ ص: 371 ] حين رآه إلى أن أفل سائرا وهو لا يستدل بحركته على شيء، وإنما استدل بالأفول والاحتجاب.
وكان الواحد منهم يتخذ له كوكبا يعبده يستجلب بذلك نفعه، وكانت الشياطين تتنزل عليهم وتخاطبهم، كما يحصل لأهل دعوة الكواكب. فبين الخليل عليه السلام أن
nindex.php?page=treesubj&link=29626المعبود الذي يستحق العبادة هو الذي يكون حيا قيوما عالما قادرا مدبرا لعباده في كل وقت، فإنه لا يستغنى عنه في وقت من الأوقات، والآفل المحتجب الذي ليس بشهيد على عابده، ولا بسميع لأقواله، ولا قادر على تدبيره لا يصلح لذلك. فهذا ونحوه وجه حجة إبراهيم.
ولهذا لما حاجه قومه قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون [الأنعام: 80 - 82]، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم [الأنعام: 83]، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=258ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك [البقرة: 258].
[ ص: 372 ]
وإنما حاجه إبراهيم بالدليل والنظر والعقل لا بمجرد الخبر السمعي، ولا يقول عاقل: إنه يعلم بخبر المخبر ما يخبر به قبل أن يعلم أنه صادق في خبره، ولكن كثير من النظار يظنون أن الاستدلال بالكتاب والسنة، والاستدلال بسائر كلام الأنبياء إنما هو بمجرد خبرهم، قالوا: فلا بد أن نثبت بالأدلة العقلية قبل ذلك أنهم صادقون، وهذا كلام صحيح، لكنهم غلطوا من وجهين:
أحدهما: ظنهم أن الرسل لم تبين للناس من الأدلة العقلية ما يعرفون به إثبات الصانع، وصدق رسله. وهذا غلط عظيم، فإن الرسول إذا دعا قوما إلى الله، فلا تتم دعوته إلا بأن يبين ما يعرف به صدقه، ولا يعرف صدقه إلا بأن يعرف الصانع، وتقوم الآيات على صدق رسله، فكيف يتوهم أن الرسل إنما قادوا الناس بمجرد أخبار لا دليل على صدقها! وهل يظن هذا بالرسل إلا من هو مفرط في الجهل، بل الرسل بينوا للناس ما يعرف صدقهم، والقرآن مملوء من البراهين والآيات الدالة على صدق الرسل، بل وعلى إثبات الصانع، وقدرته وعلمه ووحدانيته وسائر المقدمات التي يظن أن العلم بصدق الرسول موقوف عليها.
الوجه الثاني: أن هؤلاء سلكوا في إثبات الصانع وتصديق الرسول طرقا مبتدعة ليست هي الطرق التي جاءت بها الأنبياء، فكانت تلك الطرق مبتدعة في الدين ليست هي طرق المرسلين التي علموها للناس ودعوهم بها.
فَقَوْلُ الْقَائِلِ فِي الْعَقْلِ: هَلْ هُوَ حُجَّةٌ؟
nindex.php?page=treesubj&link=28446إِنْ أَرَادَ بِهِ هَلْ يُعْرَفُ بِالْعَقْلِ شَيْءٌ مِنَ الْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِدُونِ الرُّسُلِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ الْعُقُولَ يُعْرَفُ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعُلُومِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ الشَّرَائِعِ.
وَإِنْ أَرَادَ بِهِ هَلْ تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى الْعِبَادِ بِمُجَرَّدِ عُقُولِهِمْ، فَيُعَاقِبُهُمُ اللَّهُ عَلَى كُفْرِهِمْ لِمُخَالَفَتِهِمْ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ رَسُولًا؟ فَالَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْمُسْلِمِينَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا
[ ص: 370 ] حَتَّى يَبْعَثَ إِلَيْهِ رَسُولًا، كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَإِذَا جَاءَ الرَّسُولُ بِالْآيَاتِ ثَبَتَ الْوُجُوبُ، وَلَزِمَ الْعِبَادَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ، وَاسْتَحَقُّوا الذَّمَّ وَالْعِقَابَ إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا، سَوَاءٌ نَظَرُوا أَوْ لَمْ يَنْظُرُوا، فَالْوُجُوبُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَشَرْطُ الْعِقَابِ التَّمَكُّنُ مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ. وَالْعَبْدُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَعْرِفَةِ صِدْقِ الرَّسُولِ، فَإِذَا لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَعْلَمْ كَانَ مُفَرِّطًا مُسْتَحِقًّا لِلْعِقَابِ.
وَقَوْلُ السَّائِلِ: بِمَ تَثْبُتُ النُّبُوَّاتُ؟
فَثُبُوتُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِإِنْبَاءِ اللَّهِ لِلْأَنْبِيَاءِ وَإِرْسَالِهِ الرُّسُلَ. وَأَمَّا ثُبُوتُهَا فِي أَنْفُسِنَا وَعِلْمُنَا بِهَا بِالْآيَاتِ وَالْبَرَاهِينِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، فَاسْتَدْلَلْنَا بِعُقُولِنَا بِتِلْكَ الْأَدِلَّةِ وَالْآيَاتِ عَلَى صِدْقِهِمْ، كَمَا يُسْتَدَلُّ بِكُلِّ دَلِيلٍ صَحِيحٍ عَلَى مَدْلُولِهِ.
وَقَوْلُهُ: بِمَ اسْتَدَلَّ بِهِ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؟
فَيُقَالُ: اسْتَدَلَّ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالْأُفُولِ -الَّذِي هُوَ الِاحْتِجَابُ وَالْمَغِيبُ- عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُتَّخَذَ رَبًّا، فَإِنَّ قَوْمَهُ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ لِظَنِّهِمْ أَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ، وَكَانُوا يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَكُونُوا مُنْكِرِينَ لِلصَّانِعِ.
وَلَا أَرَادَ إِبْرَاهِيمُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=76هَذَا رَبِّي أَنَّ هَذَا خَالِقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ; فَإِنَّ هَذَا لَا يَقُولُهُ عَاقِلٌ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، وَلَا اسْتَدَلَّ بِالْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ عَلَى انْتِفَاءِ هَذَا الْمَطْلُوبِ، بَلْ مَا زَالَ الْكَوْكَبُ مِنْ
[ ص: 371 ] حِينِ رَآهُ إِلَى أَنْ أَفَلَ سَائِرًا وَهُوَ لَا يَسْتَدِلُّ بِحَرَكَتِهِ عَلَى شَيْءٍ، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِالْأُفُولِ وَالِاحْتِجَابِ.
وَكَانَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ يَتَّخِذُ لَهُ كَوْكَبًا يَعْبُدُهُ يَسْتَجْلِبُ بِذَلِكَ نَفْعَهُ، وَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ وَتُخَاطِبُهُمْ، كَمَا يَحْصُلُ لِأَهْلِ دَعْوَةِ الْكَوَاكِبِ. فَبَيَّنَ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29626الْمَعْبُودَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ حَيًّا قَيُّومًا عَالِمًا قَادِرًا مُدَبِّرًا لِعِبَادِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَإِنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ، وَالْآفِلُ الْمُحْتَجِبُ الَّذِي لَيْسَ بِشَهِيدٍ عَلَى عَابِدِهِ، وَلَا بِسَمِيعٍ لِأَقْوَالِهِ، وَلَا قَادِرٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ لَا يَصْلُحُ لِذَلِكَ. فَهَذَا وَنَحْوُهُ وَجْهُ حُجَّةِ إِبْرَاهِيمَ.
وَلِهَذَا لَمَّا حَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الْأَنْعَامِ: 80 - 82]، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [الْأَنْعَامِ: 83]، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=258أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ [الْبَقَرَةِ: 258].
[ ص: 372 ]
وَإِنَّمَا حَاجَّهُ إِبْرَاهِيمُ بِالدَّلِيلِ وَالنَّظَرِ وَالْعَقْلِ لَا بِمُجَرَّدِ الْخَبَرِ السَّمْعِيِّ، وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ: إِنَّهُ يُعْلَمُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ مَا يُخْبِرُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي خَبَرِهِ، وَلَكِنْ كَثِيرٌ مِنَ النُّظَّارِ يَظُنُّونَ أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالِاسْتِدْلَالَ بِسَائِرِ كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ إِنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ خَبَرِهِمْ، قَالُوا: فَلَا بُدَّ أَنْ نُثْبِتَ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ صَادِقُونَ، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ، لَكِنَّهُمْ غَلِطُوا مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: ظَنُّهُمْ أَنَّ الرُّسُلَ لَمْ تُبَيِّنْ لِلنَّاسِ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ مَا يَعْرِفُونَ بِهِ إِثْبَاتَ الصَّانِعِ، وَصِدْقَ رُسُلِهِ. وَهَذَا غَلَطٌ عَظِيمٌ، فَإِنَّ الرَّسُولَ إِذَا دَعَا قَوْمًا إِلَى اللَّهِ، فَلَا تَتِمُّ دَعْوَتُهُ إِلَّا بِأَنْ يُبَيِّنَ مَا يُعْرَفُ بِهِ صِدْقُهُ، وَلَا يُعْرَفُ صِدْقُهُ إِلَّا بِأَنْ يُعْرَفَ الصَّانِعُ، وَتَقُومُ الْآيَاتُ عَلَى صِدْقِ رُسُلِهِ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الرُّسُلَ إِنَّمَا قَادُوا النَّاسَ بِمُجَرَّدِ أَخْبَارٍ لَا دَلِيلَ عَلَى صِدْقِهَا! وَهَلْ يَظُنُّ هَذَا بِالرُّسُلِ إِلَّا مَنْ هُوَ مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ، بَلِ الرُّسُلُ بَيَّنُوا لِلنَّاسِ مَا يُعَرِّفُ صِدْقَهُمْ، وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنَ الْبَرَاهِينِ وَالْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى صِدْقِ الرُّسُلِ، بَلْ وَعَلَى إِثْبَاتِ الصَّانِعِ، وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَوَحْدَانِيِّتِهِ وَسَائِرِ الْمُقَدِّمَاتِ الَّتِي يُظَنُّ أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الرَّسُولِ مَوْقُوفٌ عَلَيْهَا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَؤُلَاءِ سَلَكُوا فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَتَصْدِيقِ الرَّسُولِ طُرُقًا مُبْتَدَعَةً لَيْسَتْ هِيَ الطُّرُقُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ، فَكَانَتْ تِلْكَ الطُّرُقُ مُبْتَدَعَةً فِي الدِّينِ لَيْسَتْ هِيَ طُرُقَ الْمُرْسَلِينَ الَّتِي عَلَّمُوهَا لِلنَّاسِ وَدَعَوْهُمْ بِهَا.