ومن اقتران التهليل بالتكبير قول النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم: nindex.php?page=hadith&LINKID=665248 "يا عدي! ما يفرك؟ أيفرك أن يقال: لا إله إلا الله؟ فهل تعلم من إله إلا الله؟ ما يفرك؟ أيفرك أن يقال: الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله؟ ".
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهما.
فنقول:
nindex.php?page=treesubj&link=33143التسبيح والتحميد يجمع النفي والإثبات، نفي المعائب وإثبات المحامد، وذلك يتضمن التعظيم، ولهذا قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سبح اسم ربك الأعلى ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فسبح باسم ربك العظيم . وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672659 "اجعلوا هذه في ركوعكم، وهذه في سجودكم" .
وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=1846 "أما الركوع فعظموا فيه الرب" . فالتسبيح يتضمن التنزيه المستلزم للتعظيم، والحمد يتضمن إثبات المحامد المتضمن لنفي نقائصها.
وأما التهليل والتكبير فالتهليل يتضمن اختصاصه بالإلهية، وما يستلزم الإلهية فهذا لا يكون لغيره، بل هو مختص به، والتكبير
[ ص: 274 ] يتضمن أنه أكبر من كل شيء، فما يحصل لغيره من نوع صفات الكمال -فإن المخلوق متصف بأنه موجود وأنه حي وأنه عليم قدير سميع بصير إلى غير ذلك- فهو سبحانه أكبر من كل شيء، فلا يساويه شيء في شيء من صفات الكمال، بل هي نوعان: نوع يختص به ويمتنع ثبوته لغيره، مثل كونه رب العالمين، وإله الخلق أجمعين، الأول الآخر الظاهر الباطن القديم الأزلي الرحمن الرحيم مالك الملك عالم الغيب والشهادة، فهذا كله هو مختص به، وهو مستلزم لاختصاصه بالإلهية، فلا إله إلا هو، ولا يجوز أن يعبد إلا هو، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يرغب إلا إليه، ولا يخشى إلا هو. فهذا كله من تحقيق "لا إله إلا الله".
وأما "الله أكبر" فكل اسم يتضمن تفضيله على غيره، مثل قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=3اقرأ وربك الأكرم ، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فتبارك الله أحسن الخالقين ، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=151وأنت أرحم الراحمين و
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=155وأنت خير الغافرين ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم: nindex.php?page=hadith&LINKID=699417 "أيفرك أن يقال: الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله؟ ".
وأما قول بعض النحاة إن "أكبر" بمعنى كبير، فهذا غلط مخالف لنص الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولمعنى الاسم المنقول بالتواتر. وكذلك قول بعض الناس إنه أكبر مما يعلم ويوصف ويقال، جعلوا معنى "أكبر" أنه أكبر مما في القلوب والألسنة من معرفته ونعته، أي هو فوق معرفة
[ ص: 275 ] العارفين، وهذا المعنى صحيح، لكن ليس بطائل، فإن الأنبياء والرسل والملائكة والجنة والنار وما شاء الله من مخلوقاته هي أكبر مما يعرفه الناس، قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ، وقال تعالى:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406 "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" .
فبعض مخلوقاته هي أكبر في معرفة الخلق من البعض، بخلاف ما إذا قيل إنه أكبر من كل شيء، فهذا لا يشركه فيه غيره. وبذلك فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذه الكلمة في مخاطبته
nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم حيث قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=699417 "أيفرك أن يقال الله أكبر؟ فهل من شيء أكبر من الله؟ ".
وعلى هذا فعلمه أكبر من كل علم، وقدرته أكبر من كل قدرة، وهكذا سائر صفاته، كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=19قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم . فشهادته أكبر الشهادات.
فهذه الكلمة تقتضي تفضيله على كل شيء مما توصف به الأشياء من أمور الكمالات التي جعلها هو سبحانه لها. وأما التهليل فيتضمن تخصيصه بالإلهية، ليس هناك أحد يتصف بها حتى يقال إنه أكبر منه فيها، بل لا إله إلا الله. وهذه تضمنت معنى نفي الإلهية عما سواه وإثباتها له، وتلك تضمنت أنه أكبر مطلقا، فهذه تخصيص وهذه تفضيل لما تضمنه التسبيح والتحميد من النفي والإثبات، فإن كل ذلك إما أن يكون مختصا به، أو ليس كمثله أحد فيه.
[ ص: 276 ]
ولهذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=33121_33105التكبير مشروعا على مشاهدة ما له نوع من العظمة في المخلوقات، كالأماكن العالية، والشياطين تهرب عند سماع الأذان، والحريق يطفأ بالتكبير، فإن مردة الإنس والجن يستكبرون عن عبادته ويعلون عليه ويحادونه، كما قال عن
موسى وجاءهم رسول كريم:
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=19وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين . فالنفوس المتكبرة تذل عند تكبيره سبحانه.
والتهليل يمنع أن يعبد غيره، أو يرجى أو يخاف أو يدعى، وذلك يتضمن أنه أكبر من كل شيء، وأنه مستحق لصفات الكمال التي لا يستحقها غيره، فهي أفضل الكلمات، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657059 "الإيمان بضع وسبعون شعبة أو ستون، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" .
وفي حديث "الموطأ" :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708049 "أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665675 "أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله".
وهذه الكلمة هي أساس الدين، وهي الفارقة بين أهل الجنة
[ ص: 277 ] وأهل النار، كما في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657143 "الموجبتان: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار". وفي الصحيح عنه:
nindex.php?page=hadith&LINKID=37401 "من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة". وفي الصحيح أيضا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658531 "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله". وهي الكلمة الطيبة التي ضربها الله مثلا كشجرة طيبة، وهي بعث بها جميع الرسل:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون .
وهي الكلمة التي جعلها إبراهيم في عقبه:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون . وهي دين الإسلام الذي لا يقبل الله دينا غيره، لا من الأولين ولا من الآخرين:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إن الدين عند الله الإسلام ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين .
وَمِنِ اقْتِرَانِ التَّهْلِيلِ بِالتَّكْبِيرِ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=76لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=665248 "يَا عَدِيُّ! مَا يُفِرُّكَ؟ أَيُفِرُّكَ أَنْ يُقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟ فَهَلْ تَعْلَمُ مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ؟ مَا يُفِرُّكَ؟ أَيُفِرُّكَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؟ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ؟ ".
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
فَنَقُولُ:
nindex.php?page=treesubj&link=33143التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ يَجْمَعُ النَّفْيَ وَالْإِثْبَاتَ، نَفْيَ الْمَعَائِبِ وَإِثْبَاتَ الْمَحَامِدِ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ، وَلِهَذَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=87&ayano=1سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=74فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ . وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672659 "اجْعَلُوا هَذِهِ فِي رُكُوعِكُمْ، وَهَذِهِ فِي سُجُودِكُمْ" .
وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=1846 "أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ" . فَالتَّسْبِيحُ يَتَضَمَّنُ التَّنْزِيهَ الْمُسْتَلْزِمَ لِلتَّعْظِيمِ، وَالْحَمْدُ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ الْمَحَامِدِ الْمُتَضَمِّنَ لِنَفْيِ نَقَائِصِهَا.
وَأَمَّا التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ فَالتَّهْلِيلُ يَتَضَمَّنُ اخْتِصَاصَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَمَا يَسْتَلْزِمُ الْإِلَهِيَّةَ فَهَذَا لَا يَكُونُ لِغَيْرِهِ، بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَالتَّكْبِيرُ
[ ص: 274 ] يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَمَا يَحْصُلُ لِغَيْرِهِ مِنْ نَوْعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ -فَإِنَّ الْمَخْلُوقَ مُتَّصِفٌ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ وَأَنَّهُ حَيٌّ وَأَنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ سَمِيعٌ بَصِيرٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ- فَهُوَ سُبْحَانَهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَلَا يُسَاوِيهِ شَيْءٌ فِي شَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ، بَلْ هِيَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَخْتَصُّ بِهِ وَيَمْتَنِعُ ثُبُوتُهُ لِغَيْرِهِ، مِثْلَ كَوْنِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَإِلَهَ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، الْأَوَّلُ الْآخِرُ الظَّاهِرُ الْبَاطِنُ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ مَالِكُ الْمُلْكِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، فَهَذَا كُلُّهُ هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَلْزِمٌ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ، فَلَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْبَدَ إِلَّا هُوَ، وَلَا يُتَوَكَّلَ إِلَّا عَلَيْهِ، وَلَا يُرْغَبَ إِلَّا إِلَيْهِ، وَلَا يُخْشَى إِلَّا هُوَ. فَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَحْقِيقِ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ".
وَأَمَّا "اللَّهُ أَكْبَرُ" فَكُلُّ اسْمٍ يَتَضَمَّنُ تَفْضِيلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، مِثْلَ قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=3اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ، وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=14فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ، وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=151وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=155وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=76لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=699417 "أَيُفِرُّكَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ؟ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ؟ ".
وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ النُّحَاةِ إِنَّ "أَكْبَرُ" بِمَعْنَى كَبِيرٍ، فَهَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِمَعْنَى الِاسْمِ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ النَّاسِ إِنَّهُ أَكْبَرُ مِمَّا يُعْلَمُ وَيُوصَفُ وَيُقَالُ، جَعَلُوا مَعْنَى "أَكْبَرُ" أَنَّهُ أَكْبَرُ مِمَّا فِي الْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَنَعْتِهِ، أَيْ هُوَ فَوْقَ مَعْرِفَةِ
[ ص: 275 ] الْعَارِفِينَ، وَهَذَا الْمَعْنَى صَحِيحٌ، لَكِنْ لَيْسَ بِطَائِلٍ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ وَالرُّسُلَ وَالْمَلَائِكَةَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَمَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ هِيَ أَكْبَرُ مِمَّا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=17فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654406 "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" .
فَبَعْضُ مَخْلُوقَاتِهِ هِيَ أَكْبَرُ فِي مَعْرِفَةِ الْخَلْقِ مِنَ الْبَعْضِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قِيلَ إِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَهَذَا لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ. وَبِذَلِكَ فَسَّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذِهِ الْكَلِمَةَ فِي مُخَاطَبَتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=76لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ حَيْثُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=699417 "أَيُفِرُّكَ أَنْ يُقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ؟ فَهَلْ مِنْ شَيْءٍ أَكْبَرُ مِنَ اللَّهِ؟ ".
وَعَلَى هَذَا فَعِلْمُهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ، وَقُدْرَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ قُدْرَةٍ، وَهَكَذَا سَائِرُ صِفَاتِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=19قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ . فَشَهَادَتُهُ أَكْبَرُ الشَّهَادَاتِ.
فَهَذِهِ الْكَلِمَةُ تَقْتَضِي تَفْضِيلَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا تُوصَفُ بِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ أُمُورِ الْكَمَالَاتِ الَّتِي جَعَلَهَا هُوَ سُبْحَانَهُ لَهَا. وَأَمَّا التَّهْلِيلُ فَيَتَضَمَّنُ تَخْصِيصَهُ بِالْإِلَهِيَّةِ، لَيْسَ هُنَاكَ أَحَدٌ يَتَّصِفُ بِهَا حَتَّى يُقَالَ إِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْهُ فِيهَا، بَلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَهَذِهِ تَضَمَّنَتْ مَعْنَى نَفْيِ الْإِلَهِيَّةِ عَمَّا سِوَاهُ وَإِثْبَاتِهَا لَهُ، وَتِلْكَ تَضَمَّنَتْ أَنَّهُ أَكْبَرُ مُطْلَقًا، فَهَذِهِ تَخْصِيصٌ وَهَذِهِ تَفْضِيلٌ لِمَا تَضَمَّنُهُ التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ مِنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِهِ، أَوْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ أَحَدٌ فِيهِ.
[ ص: 276 ]
وَلِهَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=33121_33105التَّكْبِيرُ مَشْرُوعًا عَلَى مُشَاهَدَةِ مَا لَهُ نَوْعٌ مِنَ الْعَظَمَةِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ، كَالْأَمَاكِنِ الْعَالِيَةِ، وَالشَّيَاطِينُ تَهْرُبُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ، وَالْحَرِيقُ يُطْفَأُ بِالتَّكْبِيرِ، فَإِنَّ مَرَدَةَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَعْلُونَ عَلَيْهِ وَيُحَادُّونَهُ، كَمَا قَالَ عَنْ
مُوسَى وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ:
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=19وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ . فَالنُّفُوسُ الْمُتَكَبِّرَةُ تَذِلُّ عِنْدَ تَكْبِيرِهِ سُبْحَانَهُ.
وَالتَّهْلِيلُ يَمْنَعُ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ، أَوْ يُرْجَى أَوْ يُخَافَ أَوْ يُدْعَى، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ، فَهِيَ أَفْضَلُ الْكَلِمَاتِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657059 "الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَوْ سِتُّونَ، أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ" .
وَفِي حَدِيثِ "الْمُوَطَّأِ" :
nindex.php?page=hadith&LINKID=708049 "أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنِ مَاجَهْ وَكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665675 "أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ".
وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ هِيَ أَسَاسُ الدِّينِ، وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ
[ ص: 277 ] وَأَهْلِ النَّارِ، كَمَا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=657143 "الْمُوجِبَتَانِ: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ". وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=37401 "مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ". وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=658531 "لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ". وَهِيَ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي ضَرَبَهَا اللَّهُ مَثَلًا كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ، وَهِيَ بُعِثَ بِهَا جَمِيعُ الرُّسُلِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=45وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مَنْ قَبْلِكَ مَنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مَنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ .
وَهِيَ الْكَلِمَةُ الَّتِي جَعَلَهَا إِبْرَاهِيمُ فِي عَقِبِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=28وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . وَهِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ دِينًا غَيْرَهُ، لَا مِنَ الْأَوَّلِينَ وَلَا مِنَ الْآخِرِينَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=19إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=85وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .