فصل
أنواع المحبة
وهاهنا أربعة أنواع من المحبة يجب التفريق بينها ، وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينها .
[ ص: 190 ] أحدها : محبة الله ، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=28683محبة ما يحب الله ، وهذه هي التي تدخله في الإسلام ، وتخرجه من الكفر ، وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها .
الثالث : الحب لله وفيه ، وهي من لوازم محبة ما يحب ، ولا تستقيم محبة ما يحب إلا فيه وله .
الرابع : المحبة مع الله ، وهي المحبة الشركية ، وكل من أحب شيئا مع الله لا لله ، ولا من أجله ، ولا فيه ، فقد اتخذه ندا من دون الله ، وهذه محبة المشركين .
وبقي قسم خامس ليس مما نحن فيه : وهي المحبة الطبيعية ، وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه ، كمحبة العطشان للماء ، والجائع للطعام ، ومحبة النوم والزوجة والولد ، فتلك لا تذم إلا إذا ألهت عن ذكر الله ، وشغلت عن محبته ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله [ سورة المنافقون : 9 ] .
وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله [ سورة النور : 37 ] .
فَصْلٌ
أَنْوَاعُ الْمَحَبَّةِ
وَهَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ مِنَ الْمَحَبَّةِ يَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهَا ، وَإِنَّمَا ضَلَّ مَنْ ضَلَّ بِعَدَمِ التَّمْيِيزِ بَيْنَهَا .
[ ص: 190 ] أَحَدُهَا : مَحَبَّةُ اللَّهِ ، وَلَا تَكْفِي وَحْدَهَا فِي النَّجَاةِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَالْفَوْزِ بِثَوَابِهِ ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَعُبَّادَ الصَّلِيبِ وَالْيَهُودَ وَغَيْرَهُمْ يُحِبُّونَ اللَّهَ .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=28683مَحَبَّةُ مَا يُحِبُّ اللَّهُ ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُدْخِلُهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَتُخْرِجُهُ مِنَ الْكُفْرِ ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَقْوَمُهُمْ بِهَذِهِ الْمَحَبَّةِ وَأَشَدُّهُمْ فِيهَا .
الثَّالِثُ : الْحُبُّ لِلَّهِ وَفِيهِ ، وَهِيَ مِنْ لَوَازِمِ مَحَبَّةِ مَا يُحِبُّ ، وَلَا تَسْتَقِيمُ مَحَبَّةُ مَا يُحِبُّ إِلَّا فِيهِ وَلَهُ .
الرَّابِعُ : الْمَحَبَّةُ مَعَ اللَّهِ ، وَهِيَ الْمَحَبَّةُ الشِّرِكِيَّةُ ، وَكُلُّ مَنْ أَحَبَّ شَيْئًا مَعَ اللَّهِ لَا لِلَّهِ ، وَلَا مِنْ أَجْلِهِ ، وَلَا فِيهِ ، فَقَدِ اتَّخَذَهُ نِدًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَهَذِهِ مَحَبَّةُ الْمُشْرِكِينَ .
وَبَقِيَ قِسْمٌ خَامِسٌ لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ : وَهِيَ الْمَحَبَّةُ الطَّبِيعِيَّةُ ، وَهِيَ مَيْلُ الْإِنْسَانِ إِلَى مَا يُلَائِمُ طَبْعَهُ ، كَمَحَبَّةِ الْعَطْشَانِ لِلْمَاءِ ، وَالْجَائِعِ لِلطَّعَامِ ، وَمَحَبَّةِ النَّوْمِ وَالزَّوْجَةِ وَالْوَلَدِ ، فَتِلْكَ لَا تُذَمُّ إِلَّا إِذَا أَلْهَتْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ، وَشَغَلَتْ عَنْ مَحَبَّتِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [ سُورَةُ الْمُنَافِقُونَ : 9 ] .
وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=37رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [ سُورَةُ النُّورِ : 37 ] .