فصل
nindex.php?page=treesubj&link=29494المعصية تباعد بين العبد والملك ومن عقوباتها : أنها تباعد عن العبد وليه وأنفع الخلق له وأنصحهم له ، ومن سعادته في قربه منه ، وهو الملك الموكل به ، وتدني منه عدوه وأغش الخلق له ، وأعظمهم
[ ص: 107 ] ضررا له ، وهو الشيطان ، فإن العبد إذا عصى الله تباعد منه الملك بقدر تلك المعصية ، حتى إنه يتباعد منه بالكذبة الواحدة مسافة بعيدة .
وفي بعض الآثار : إذا كذب العبد تباعد منه الملك ميلا من نتن ريحه ، فإذا كان هذا تباعد الملك منه من كذبة واحدة ، فماذا يكون مقدار بعده منه مما هو أكبر من ذلك ، وأفحش منه ؟
وقال بعض السلف : إذا ركب الذكر عجت الأرض إلى الله وهربت الملائكة إلى ربها ، وشكت إليه عظيم ما رأت .
وقال بعض السلف : إذا أصبح ابن آدم ابتدره الملك والشيطان ، فإن ذكر الله وكبره وحمده وهلله ، طرد الشيطان وتولاه الملك ، وإن افتتح بغير ذلك ذهب الملك عنه وتولاه الشيطان .
ولا يزال
nindex.php?page=treesubj&link=19902الملك يقرب من العبد حتى يصير الحكم والطاعة والغلبة له ، فتتولاه الملائكة في حياته وعند موته وعند بعثه ، كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة [ سورة فصلت : 30 - 31 ] .
وإذا تولاه الملك تولاه أنصح الخلق وأنفعهم وأبرهم ، فثبته وعلمه ، وقوى جنانه ، وأيده الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا [ سورة الأنفال : 12 ] .
فيقول الملك عند الموت : لا تخف ولا تحزن وأبشر بالذي يسرك ، ويثبته بالقول الثابت أحوج ما يكون إليه في الحياة الدنيا ، وعند الموت ، وفي القبر عند المسألة .
فليس أحد أنفع للعبد من صحبة الملك له ، وهو وليه في يقظته ومنامه ، وحياته وعند موته وفي قبره ، ومؤنسه في وحشته ، وصاحبه في خلوته ، ومحدثه في سره ، ويحارب عنه عدوه ، ويدافع عنه ويعينه عليه ، ويعده بالخير ويبشره به ، ويحثه على التصديق بالحق ، كما جاء في الأثر الذي يروى مرفوعا وموقوفا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949443إن للملك بقلب ابن آدم لمة ، وللشيطان لمة ، فلمة الملك : إيعاد بالخير وتصديق بالوعد ، ولمة الشيطان : إيعاد بالشر وتكذيب بالحق .
وإذا اشتد قرب الملك من العبد تكلم على لسانه ، وألقى على لسانه القول السديد ، وإذا بعد منه وقرب الشيطان ، تكلم على لسانه ، وألقى عليه قول الزور والفحش ، حتى يرى الرجل يتكلم على لسانه الملك والرجل يتكلم على لسانه الشيطان
[ ص: 108 ] وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949444إن السكينة تنطق على لسان عمر - رضي الله عنه - وكان أحدهم يسمع الكلمة الصالحة من الرجل الصالح فيقول : ما ألقاه على لسانك إلا الملك ، ويسمع ضدها فيقول : ما ألقاها على لسانك إلا الشيطان ، فالملك يلقي بالقلب الحق ويلقيه على اللسان ، والشيطان يلقي الباطل في القلب ويجريه على اللسان .
فمن عقوبة المعاصي أنها تبعد من العبد وليه الذي سعادته في قربه ومجاورته وموالاته ، وتدني منه عدوه الذي شقاؤه وهلاكه وفساده في قربه وموالاته ، حتى إن الملك لينافح عن العبد ، ويرد عنه إذا سفه عليه السفيه وسبه ، كما اختصم بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان ، فجعل أحدهما يسب الآخر وهو ساكت ، فتكلم بكلمة يرد بها على صاحبه ، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله لما رددت عليه بعض قوله قمت ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949445كان الملك ينافح عنك ، فلما رددت عليه جاء الشيطان فلم أكن لأجلس .
وإذا دعا العبد المسلم لأخيه بظهر الغيب أمن الملك على دعائه ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949446ولك بمثل .
وإذا فرغ من قراءة الفاتحة أمنت الملائكة على دعائه .
وإذا أذنب العبد الموحد المتبع لسبيله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - استغفر له حملة العرش ومن حوله .
وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=24390نام العبد على وضوء بات في شعار ملك .
فملك المؤمن يرد عنه ويحارب ويدافع عنه ، ويعلمه ويثبته ويشجعه ، فلا يليق به أن يسيء جواره ويبالغ في أذاه وطرده عنه وإبعاده ، فإنه ضيفه وجاره .
وإذا كان إكرام الضيف من الآدميين والإحسان إلى الجار من لوازم الإيمان وموجباته ، فما الظن بإكرام أكرم الأضياف ، وخير الجيران وأبرهم ؟ وإذا آذى العبد الملك بأنواع المعاصي والظلم والفواحش دعا عليه ربه ، وقال : لا جزاك الله خيرا ، كما يدعو له إذا أكرمه بالطاعة والإحسان .
قال بعض الصحابة - رضي الله عنهم - : إن معكم من لا يفارقكم ، فاستحيوا منهم وأكرموهم .
ولا ألأم ممن لا يستحي من الكريم العظيم القدر ، ولا يجله ولا يوقره ، وقد نبه سبحانه على هذا المعنى بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=10وإن عليكم لحافظين nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=11كراما كاتبين nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=12يعلمون ما تفعلون [ سورة الانفطار : 10 - 12 ] أي استحيوا من هؤلاء الحافظين الكرام وأكرموهم ، وأجلوهم أن يروا منكم ما
[ ص: 109 ] تستحيون أن يراكم عليه من هو مثلكم ،
nindex.php?page=treesubj&link=29728والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ، وإذا كان ابن آدم يتأذى ممن يفجر ويعصي بين يديه ، وإن كان يعمل مثل عمله ، فما الظن بأذى الملائكة الكرام الكاتبين ؟ والله المستعان .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=29494الْمَعْصِيَةُ تُبَاعِدُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَلِكِ وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا : أَنَّهَا تُبَاعِدُ عَنِ الْعَبْدِ وَلِيَّهُ وَأَنْفَعَ الْخَلْقِ لَهُ وَأَنْصَحَهُمْ لَهُ ، وَمَنْ سَعَادَتُهُ فِي قُرْبِهِ مِنْهُ ، وَهُوَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ ، وَتُدْنِي مِنْهُ عَدُوَّهُ وَأَغَشَّ الْخَلْقِ لَهُ ، وَأَعْظَمَهُمْ
[ ص: 107 ] ضَرَرًا لَهُ ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَصَى اللَّهَ تَبَاعَدَ مِنْهُ الْمَلَكُ بِقَدْرِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ ، حَتَّى إِنَّهُ يَتَبَاعَدُ مِنْهُ بِالْكِذْبَةِ الْوَاحِدَةِ مَسَافَةً بَعِيدَةً .
وَفِي بَعْضِ الْآثَارِ : إِذَا كَذَبَ الْعَبْدُ تَبَاعَدَ مِنْهُ الْمَلَكُ مِيلًا مِنْ نَتَنِ رِيحِهِ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا تَبَاعُدَ الْمَلَكِ مِنْهُ مِنْ كِذْبَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَمَاذَا يَكُونُ مِقْدَارُ بُعْدِهِ مِنْهُ مِمَّا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَفْحَشُ مِنْهُ ؟
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إِذَا رُكِبَ الذَّكَرُ عَجَّتِ الْأَرْضُ إِلَى اللَّهِ وَهَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ إِلَى رَبِّهَا ، وَشَكَتْ إِلَيْهِ عَظِيمَ مَا رَأَتْ .
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ ابْتَدَرَهُ الْمَلَكُ وَالشَّيْطَانُ ، فَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَحَمِدَهُ وَهَلَّلَهُ ، طُرِدَ الشَّيْطَانُ وَتَوَلَّاهُ الْمَلَكُ ، وَإِنِ افْتَتَحَ بِغَيْرِ ذَلِكَ ذَهَبَ الْمَلَكُ عَنْهُ وَتَوَلَّاهُ الشَّيْطَانُ .
وَلَا يَزَالُ
nindex.php?page=treesubj&link=19902الْمَلَكُ يَقْرُبُ مِنَ الْعَبْدِ حَتَّى يَصِيرَ الْحُكْمُ وَالطَّاعَةُ وَالْغَلَبَةُ لَهُ ، فَتَتَوَلَّاهُ الْمَلَائِكَةُ فِي حَيَاتِهِ وَعِنْدَ مَوْتِهِ وَعِنْدَ بَعْثِهِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=30إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=31نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [ سُورَةُ فُصِّلَتْ : 30 - 31 ] .
وَإِذَا تَوَلَّاهُ الْمَلَكُ تَوَلَّاهُ أَنْصَحُ الْخَلْقِ وَأَنْفَعُهُمْ وَأَبَرُّهُمْ ، فَثَبَّتَهُ وَعَلَّمَهُ ، وَقَوَّى جَنَانَهُ ، وَأَيَّدَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [ سُورَةُ الْأَنْفَالِ : 12 ] .
فَيَقُولُ الْمَلَكُ عِنْدَ الْمَوْتِ : لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ وَأَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ، وَيُثَبِّتُهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ أَحْوَجَ مَا يَكُونُ إِلَيْهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ ، وَفِي الْقَبْرِ عِنْدَ الْمَسْأَلَةِ .
فَلَيْسَ أَحَدٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ مِنْ صُحْبَةِ الْمَلَكِ لَهُ ، وَهُوَ وَلِيُّهُ فِي يَقَظَتِهِ وَمَنَامِهِ ، وَحَيَاتِهِ وَعِنْدَ مَوْتِهِ وَفِي قَبْرِهِ ، وَمُؤْنِسُهُ فِي وَحْشَتِهِ ، وَصَاحِبُهُ فِي خَلْوَتِهِ ، وَمُحَدِّثُهُ فِي سِرِّهِ ، وَيُحَارِبُ عَنْهُ عَدُوَّهُ ، وَيُدَافِعُ عَنْهُ وَيُعِينُهُ عَلَيْهِ ، وَيَعِدُهُ بِالْخَيْرِ وَيُبَشِّرُهُ بِهِ ، وَيُحِثُّهُ عَلَى التَّصْدِيقِ بِالْحَقِّ ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ الَّذِي يُرْوَى مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949443إِنَّ لِلْمَلَكِ بِقَلْبِ ابْنِ آدَمَ لَمَّةً ، وَلِلشَّيْطَانِ لَمَّةً ، فَلَمَّةُ الْمَلَكِ : إِيعَادٌ بِالْخَيْرِ وَتَصْدِيقٌ بِالْوَعْدِ ، وَلَمَّةُ الشَّيْطَانِ : إِيعَادٌ بِالشَّرِّ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ .
وَإِذَا اشْتَدَّ قُرْبُ الْمَلَكِ مِنَ الْعَبْدِ تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ ، وَأَلْقَى عَلَى لِسَانِهِ الْقَوْلَ السَّدِيدَ ، وَإِذَا بَعُدَ مِنْهُ وَقَرُبَ الشَّيْطَانُ ، تَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ قَوْلَ الزُّورِ وَالْفُحْشِ ، حَتَّى يُرَى الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ الْمَلَكُ وَالرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ عَلَى لِسَانِهِ الشَّيْطَانُ
[ ص: 108 ] وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949444إِنَّ السَّكِينَةَ تَنْطِقُ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَسْمَعُ الْكَلِمَةَ الصَّالِحَةَ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَيَقُولُ : مَا أَلْقَاهُ عَلَى لِسَانِكَ إِلَّا الْمَلَكُ ، وَيَسْمَعُ ضِدَّهَا فَيَقُولُ : مَا أَلْقَاهَا عَلَى لِسَانِكَ إِلَّا الشَّيْطَانُ ، فَالْمَلَكُ يُلْقِي بِالْقَلْبِ الْحَقَّ وَيُلْقِيهِ عَلَى اللِّسَانِ ، وَالشَّيْطَانُ يُلْقِي الْبَاطِلَ فِي الْقَلْبِ وَيُجْرِيهِ عَلَى اللِّسَانِ .
فَمِنْ عُقُوبَةِ الْمَعَاصِي أَنَّهَا تُبْعِدُ مِنَ الْعَبْدِ وَلِيَّهُ الَّذِي سَعَادَتُهُ فِي قُرْبِهِ وَمُجَاوَرَتِهِ وَمُوَالَاتِهِ ، وَتُدْنِي مِنْهُ عَدُوَّهُ الَّذِي شَقَاؤُهُ وَهَلَاكُهُ وَفَسَادُهُ فِي قُرْبِهِ وَمُوَالَاتِهِ ، حَتَّى إِنَّ الْمَلَكَ لَيُنَافِحُ عَنِ الْعَبْدِ ، وَيَرُدُّ عَنْهُ إِذَا سَفِهَ عَلَيْهِ السَّفِيهُ وَسَبَّهُ ، كَمَا اخْتَصَمَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلَانِ ، فَجَعَلَ أَحَدُهُمَا يَسُبُّ الْآخَرَ وَهُوَ سَاكِتٌ ، فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ يَرُدُّ بِهَا عَلَى صَاحِبِهِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمَّا رَدَدْتُ عَلَيْهِ بَعْضَ قَوْلِهِ قُمْتَ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949445كَانَ الْمَلَكُ يُنَافِحُ عَنْكَ ، فَلَمَّا رَدَدْتَ عَلَيْهِ جَاءَ الشَّيْطَانُ فَلَمْ أَكُنْ لِأَجْلِسَ .
وَإِذَا دَعَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ أَمَّنَ الْمَلَكُ عَلَى دُعَائِهِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949446وَلَكَ بِمِثْلٍ .
وَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَمَّنَتِ الْمَلَائِكَةُ عَلَى دُعَائِهِ .
وَإِذَا أَذْنَبَ الْعَبْدُ الْمُوَحِّدُ الْمُتَّبِعُ لِسَبِيلِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَغْفَرَ لَهُ حَمَلَةُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ .
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24390نَامَ الْعَبْدُ عَلَى وُضُوءٍ بَاتَ فِي شِعَارِ مَلَكٍ .
فَمَلَكُ الْمُؤْمِنِ يَرُدُّ عَنْهُ وَيُحَارِبُ وَيُدَافِعُ عَنْهُ ، وَيُعَلِّمُهُ وَيُثَبِّتُهُ وَيُشَجِّعُهُ ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُسِيءَ جِوَارَهُ وَيُبَالِغَ فِي أَذَاهُ وَطَرْدِهِ عَنْهُ وَإِبْعَادِهِ ، فَإِنَّهُ ضَيْفُهُ وَجَارُهُ .
وَإِذَا كَانَ إِكْرَامُ الضَّيْفِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْجَارِ مِنْ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ وَمُوجِبَاتِهِ ، فَمَا الظَّنُّ بِإِكْرَامِ أَكْرَمِ الْأَضْيَافِ ، وَخَيْرِ الْجِيرَانِ وَأَبَرِّهِمْ ؟ وَإِذَا آذَى الْعَبْدُ الْمَلَكَ بِأَنْوَاعِ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ وَالْفَوَاحِشِ دَعَا عَلَيْهِ رَبَّهُ ، وَقَالَ : لَا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، كَمَا يَدْعُو لَهُ إِذَا أَكْرَمَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْإِحْسَانِ .
قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - : إِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لَا يُفَارِقُكُمْ ، فَاسْتَحْيُوا مِنْهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ .
وَلَا أَلْأَمَ مِمَّنْ لَا يَسْتَحِي مِنَ الْكَرِيمِ الْعَظِيمِ الْقَدْرِ ، وَلَا يُجِلُّهُ وَلَا يُوَقِّرُهُ ، وَقَدْ نَبَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=10وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=11كِرَامًا كَاتِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=12يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ [ سُورَةُ الِانْفِطَارِ : 10 - 12 ] أَيِ اسْتَحْيُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْحَافِظِينَ الْكِرَامِ وَأَكْرِمُوهُمْ ، وَأَجِلُّوهُمْ أَنْ يَرَوْا مِنْكُمْ مَا
[ ص: 109 ] تَسْتَحْيُونَ أَنْ يَرَاكُمْ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُكُمْ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29728وَالْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ ، وَإِذَا كَانَ ابْنُ آدَمَ يَتَأَذَّى مِمَّنْ يَفْجُرُ وَيَعْصِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ ، فَمَا الظَّنُّ بِأَذَى الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ .