nindex.php?page=treesubj&link=19697_28678_28683الشرك في المحبة
وأصل الشرك بالله ، والإشراك في المحبة كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله [ سورة البقرة : 165 ] .
فأخبر سبحانه أن من الناس من يشرك به ندا يحبه كما يحب الله ، وأخبر أن الذين آمنوا أشد حبا لله من أصحاب الأنداد لأندادهم .
وقيل : بل المعنى أنهم أشد حبا لله ، فإنهم وإن أحبوا الله ، لكن لما شركوا بينه وبين أندادهم في المحبة ضعفت محبتهم لله ، والموحدون لله لما خلصت محبتهم له كانت أشد من محبة أولئك ، والعدل برب العالمين ، والتسوية بينه وبين الأنداد هو في هذه المحبة ، كما تقدم .
ولما كان مراد الله من خلقه خلوص هذه المحبة له ، أنكر على من اتخذ من دونه وليا أو شفيعا غاية الإنكار ، وجمع ذلك تارة ، وإفراد أحدهما عن الآخر ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون [ سورة يونس : 3 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون [ سورة السجدة : 4 ] .
وقال في الإفراد :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=43أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=44قل لله الشفاعة جميعا [ سورة الزمر : 43 - 44 ] .
[ ص: 189 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون [ سورة الأنعام : 51 ] .
وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10من ورائهم جهنم ولا يغني عنهم ما كسبوا شيئا ولا ما اتخذوا من دون الله أولياء ولهم عذاب عظيم [ سورة الجاثية : 10 ] .
فإذا والى العبد ربه وحده أقام له الشفعاء ، وعقد الموالاة بينه وبين عباده المؤمنين فصاروا أولياءه في الله ، بخلاف من اتخذ مخلوقا وليا من دون الله .
فهذا لون وذاك لون ، كما أن الشفاعة الشركية الباطلة لون ، والشفاعة الحق الثابتة التي إنما تنال بالتوحيد لون ، وهذا موضع فرقان بين أهل التوحيد وأهل الإشراك ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم .
والمقصود : أن حقيقة العبودية لا تحصل مع الإشراك بالله في المحبة ، بخلاف المحبة لله ، فإنها من
nindex.php?page=treesubj&link=28683_28750لوازم العبودية وموجباتها ، فإن محبة الرسول - بل تقديمه في الحب على الأنفس والآباء والأبناء - لا يتم الإيمان إلا بها ، إذ محبته من محبة الله ، وكذلك كل حب في الله ولله ، كما في الصحيحين عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949528ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان .
وفي لفظ في الصحيحين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949529لا يجد حلاوة الإيمان إلا من كان فيه ثلاث خصال : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه ، كما يكره أن يلقى في النار .
وفي الحديث الذي في السنن :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949530من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان .
وفي حديث آخر :
ما تحاب رجلان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه .
فإن هذه المحبة من لوازم محبة الله تعالى وموجباتها ، وكلما كانت أقوى كان أصلها كذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=19697_28678_28683الشِّرْكُ فِي الْمَحَبَّةِ
وَأَصْلُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ ، وَالْإِشْرَاكِ فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=165وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [ سُورَةُ الْبَقَرَةِ : 165 ] .
فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُشْرِكُ بِهِ نِدًّا يُحِبُّهُ كَمَا يُحِبُّ اللَّهَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ مِنْ أَصْحَابِ الْأَنْدَادِ لِأَنْدَادِهِمْ .
وَقِيلَ : بَلِ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أَحَبُّوا اللَّهَ ، لَكِنْ لَمَّا شَرِكُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْدَادِهِمْ فِي الْمَحَبَّةِ ضَعُفَتْ مَحَبَّتُهُمْ لِلَّهِ ، وَالْمُوَحِّدُونَ لِلَّهِ لَمَّا خَلُصَتْ مَحَبَّتُهُمْ لَهُ كَانَتْ أَشَدَّ مِنْ مَحَبَّةِ أُولَئِكَ ، وَالْعَدْلُ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْدَادِ هُوَ فِي هَذِهِ الْمَحَبَّةِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
وَلَمَّا كَانَ مُرَادُ اللَّهِ مِنْ خَلْقِهِ خُلُوصَ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ لَهُ ، أَنْكَرَ عَلَى مَنِ اتَّخَذَ مِنْ دُونِهِ وَلِيًّا أَوْ شَفِيعًا غَايَةَ الْإِنْكَارِ ، وَجَمْعُ ذَلِكَ تَارَةً ، وَإِفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=3إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [ سُورَةُ يُونُسَ : 3 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=4اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ [ سُورَةُ السَّجْدَةِ : 4 ] .
وَقَالَ فِي الْإِفْرَادِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=43أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=44قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا [ سُورَةُ الزُّمَرِ : 43 - 44 ] .
[ ص: 189 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=51وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ : 51 ] .
وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=10مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ سُورَةُ الْجَاثِيَةِ : 10 ] .
فَإِذَا وَالَى الْعَبْدُ رَبَّهُ وَحْدَهُ أَقَامَ لَهُ الشُّفَعَاءَ ، وَعَقَدَ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ فَصَارُوا أَوْلِيَاءَهُ فِي اللَّهِ ، بِخِلَافِ مَنِ اتَّخَذَ مَخْلُوقًا وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ .
فَهَذَا لَوْنٌ وَذَاكَ لَوْنٌ ، كَمَا أَنَّ الشَّفَاعَةَ الشَّرِكِيَّةَ الْبَاطِلَةَ لَوْنٌ ، وَالشَّفَاعَةَ الْحَقَّ الثَّابِتَةَ الَّتِي إِنَّمَا تُنَالُ بِالتَّوْحِيدِ لَوْنٌ ، وَهَذَا مَوْضِعُ فُرْقَانٍ بَيْنَ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَأَهْلِ الْإِشْرَاكِ ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ حَقِيقَةَ الْعُبُودِيَّةِ لَا تَحْصُلُ مَعَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ فِي الْمَحَبَّةِ ، بِخِلَافِ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ ، فَإِنَّهَا مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28683_28750لَوَازِمِ الْعُبُودِيَّةِ وَمُوجِبَاتِهَا ، فَإِنَّ مَحَبَّةَ الرَّسُولِ - بَلْ تَقْدِيمُهُ فِي الْحُبِّ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ - لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِهَا ، إِذْ مَحَبَّتُهُ مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ ، وَكَذَلِكَ كَلُّ حُبٍّ فِي اللَّهِ وَلِلَّهِ ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949528ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ .
وَفِي لَفْظٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949529لَا يَجِدُ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ إِلَّا مَنْ كَانَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ .
وَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِي السُّنَنِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=949530مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ ، وَأَبْغَضَ لِلَّهِ ، وَأَعْطَى لِلَّهِ ، وَمَنَعَ لِلَّهِ ، فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ :
مَا تَحَابَّ رَجُلَانِ فِي اللَّهِ إِلَّا كَانَ أَفْضَلُهُمَا أَشَدَّهُمَا حُبًّا لِصَاحِبِهِ .
فَإِنَّ هَذِهِ الْمَحَبَّةَ مِنْ لَوَازِمِ مَحَبَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمُوجِبَاتِهَا ، وَكُلَّمَا كَانَتْ أَقْوَى كَانَ أَصْلُهَا كَذَلِكَ .