[شعب الإيمان : ]
قال فقد دل ذلك من عقل على أن الإسلام كثير ؛ لأن البنيان أكثر من الأصل ، إنما هو بياض ، والبنيان يكون [ ص: 424 ] الحيطان ، والبيوت ، والعلالي ، والغرف ، والأبواب ، والجذوع ، والصفائح ، وغير ذلك ، وقد حفظ في بعض هذه الأحاديث من شرائع الإسلام ، ما لم يحفظ في بعض ، فيمكن أن يكون الذين قصروا عن حفظها كلها تعلموا الإسلام ، قبل أن يفرض من شرائعه ما حفظ غيرهم ، ويمكن أن يكونوا حفظوه ، فأبدوا أساسه ، وعمده ، ومعالمه ، وسكتوا عما يتبع ذلك ، غير أن ذلك كله ، وغير ذلك من شرائع الإسلام ، التي حفظها غيرهم من الإسلام ، ليس لأحد أن يقول : ليس الإسلام إلا ما في حديث فلان دون غيره من الأحاديث ، حتى تقر بها كلها . أبو عبد الله :
وكذلك الإيمان لم يأت مفسرا بكماله في آية ولا آيتين ، ولا حديث ، ولا حديثين .
وكذلك الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصوم ، لم يأت شيء من ذلك بكماله في آية ، ولا آيتين ، ولا حديث ولا حديثين .
ألا ترى إلى ما يكتب الناس من الأحاديث في سنن ، كشريعة منها ووجوهها ، فكذلك الأحاديث التي تروى في الإيمان والإسلام ، كلها من الإيمان والإسلام ، لا يجوز جحود شيء منها ، ولا دفعه ؛ لأن الذي يجحد منها ويدفعه ، إنما هو عن الذي يقبل منه ، ويأتمنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، الذي فرض الله عليك طاعته ، وأمرك باتباعه ، فالإسلام من الإيمان ، والإيمان من الإسلام ، ويسمى الإسلام إيمانا ، والإيمان إسلاما ، ودينا ، وملة ، وبرا ، وتقوى ، وإحسانا وطاعة ، كل هذه الأسامي لازم له . [ ص: 425 ]