( فائدة ) ، إذ لا رياء إلا بأفعال ظاهرة ترى أو تسمع . والتسميع عام لأعمال القلوب والجوارح . أعمال القلوب وطاعتها مصونة من الرياء
وكذلك الصوم لا يظهر غالبا بالرياء والتسميع ، لأنه عبادة ووزره مختلف باختلاف شرف المرائي به فأشرف ما يرائي به أشد وزرا مما دونه ، فإن الرياء مفسدة وإفساد الأشرف أقبح من إفساد الشريف . وليس حب الرياء ولا غيره من جميع المعاصي معصية ، فإن أطلق عليه اسم الرياء كان ذلك مجازا من تسمية السبب باسم المسبب ، وكل شيء حرمه الله تعالى فلا يأثم مشتهيه بشهوته ، وإنما يأثم بعزمه عليه وإرادته ، ثم بملابسته . وكل ما تكرهه الطباع ، وتنفر منه القلوب والأسماع ، من الخيور والشرور فلا إثم على كراهيته ولا النفور منه ، وإنما الإثم على فعله إن كان قبيحا أو تركه إن كان حسنا . فشهوة الرياء والشكر ، وقهر الأقران وإضرار الأعداء لا إثم فيها لخروجها عن قدرة المكلف ، ولتعذر الانفكاك منها والانفصال عنها ، ومن استعمل شيئا من المحبوبات في غير بابه فقد أخطأ وزل . وعلى المرء أن يجاهد طبعه ويخالف فيما يدعو إليه من ترك المأمورات [ ص: 149 ] واجتناب المنهيات ، والموفق من أعين على ذلك ، فمن أسعده الله حبب إليه الطاعة والإيمان ، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان . واعلم أنه لا أدب كأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا خلق كأخلاقه فمن وفقه الله أعانه على أخلاقه والاقتداء به ليتخلق منه بما يقدر عليه ويصل إليه ، وما من أحد إلا وقد هم ولم فيا سعادة من اقتدى به ، واستسن بسيرته وأخذ بطريقته ، وامتلأ قلبه من محبته ، في دق ذلك كله وجله وكثره وقله : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } ، وإن تطيعوه تهتدوا ، { ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } ، وكيف لا يكون كذلك وقد قال ، تعالى : { وإنك لعلى خلق عظيم } . وكان خلقه الممدوح بالعظمة واتباع القرآن ، القرآن مشتمل على الأمر باتباعه صلى الله عليه وسلم فيما جاء من كتاب أو سنة .