5 - باب الخوارج ، وسوء مذاهبهم ، وإباحة قتالهم ، وثواب من قتلهم أو قتلوه ذم
قال محمد بن الحسين :
لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء ، عصاة لله - تعالى - ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا ، واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، ويظهرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، يموهون على المسلمين ، وقد حذر الله تعالى منهم ، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم ، وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده ، وحذرناهم الصحابة - رضي الله عنهم - ، ومن تبعهم بإحسان .
والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس ، ومن كان على مذهبهم من [ ص: 326 ] سائر الخوارج ، يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا ، ويخرجون على الأئمة والأمراء ، ويستحلون قتل المسلمين .
فأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو رجل طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يقسم الغنائم فقال : محمد ، فما أراك تعدل . فقال : " ويلك ! فمن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ ! " فأراد اعدل يا - رضي الله عنه - قتله ، فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من قتله ، وأخبر أن هذا وأصحابا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من [ ص: 327 ] الدين وأمر في غير حديث بقتالهم ، وبين فضل من قتلهم أو قتلوه . عمر
ثم إنهم خرجوا بعد ذلك من بلدان شتى ، واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى قدموا المدينة ، فقتلوا رضي الله عنه ، وقد اجتهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان عثمان بن عفان بالمدينة في أن لا يقتل فما أطاقوا على ذلك ، رضي الله عنهم . عثمان ،
ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين - رضي الله عنه - ، ولم يرضوا بحكمه ، وأظهروا قولهم ، وقالوا : ( لا حكم إلا لله ) فقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - : " كلمة حق أرادوا بها الباطل " . علي
فقاتلهم - رضي الله عنه - ، فأكرمه الله - تعالى - بقتلهم ، وأخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه ، وقاتل معه الصحابة ، فصار سيف علي - رضي الله عنه - في علي بن أبي طالب الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة .
[ ص: 328 ]