18 - باب ذكر اللفظية ، كذبوا ومن زعم أن هذا القرآن حكاية للقرآن الذي في اللوح المحفوظ -
قال محمد بن الحسين :
[ ص: 533 ] [ ص: 534 ] احذروا رحمكم الله هؤلاء الذين يقولون إن لفظه بالقرآن مخلوق ، وهذا عند ومن كان على طريقته منكر عظيم ، وقائل هذا مبتدع ، يجتنب ولا يكلم ولا يجالس ، ويحذر منه الناس ، لا يعرف العلماء غير ما تقدم ذكرنا له ، وهو أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال : مخلوق [ ص: 535 ] فقد كفر ، ومن قال : " القرآن كلام الله " ووقف فهو جهمي . ومن قال ( لفظي بالقرآن مخلوق ) فهو جهمي ، كذا قال أحمد بن حنبل وغلظ فيه القول جدا ، وكذلك من قال : [ لفظي بالقرآن [ غير ] مخلوق فقد ابتدع وجاء بما لا يعرفه العلماء ، كذلك قال ، وغلظ القول فيه أحمد بن حنبل جدا وكذلك ] من قال : إن هذا القرآن الذي يقرؤوه الناس ، وهو في المصاحف حكاية لما في اللوح المحفوظ فهذا منكر ، تنكره العلماء . أحمد بن حنبل ،
يقال لقائل هذه المقالة : القرآن يكذبك ، ويرد قولك والسنة تكذبك وترد قولك .
قال الله تعالى : ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) فأخبر الله تعالى : أنه إنما يستمع الناس كلام الله تعالى ، ولم يقل : حكاية كلام الله .
وقال تعالى : ( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم [ ص: 536 ] ترحمون ) فأخبر أن السامع إنما يسمع القرآن ، ولم يقل حكاية القرآن .
وقال تعالى : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ) ، وقال تعالى : ( وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ) .
وقال تعالى : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ) . . . ولم يقل يستمعون حكاية القرآن ، ولا قالت الجن : ( إنا سمعنا حكاية القرآن ) كما قال من ابتدع بدعة ضلالة وأتى بخلاف الكتاب والسنة وبخلاف قول المؤمنين .
وقال تعالى : ( فاقرؤوا ما تيسر من القرآن ) .
قال محمد بن الحسين :
وهذا في القرآن كثير لمن تدبره .
[ ص: 537 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل الذي ليس في جوفه من القرآن شيء كالبيت الخرب " .
وقال صلى الله عليه وسلم : وقال صلى الله عليه وسلم : " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) " مثل القرآن مثل الإبل المعقلة إن تعاهدها صاحبها أمسكها ، وإن تركها ذهبت " .
وقال صلى الله عليه وسلم : وفي حديث آخر : " لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو " " لا تسافروا بالمصاحف إلى العدو ، فإني أخاف أن ينالوها " .
[ ص: 538 ] وقال صلى الله عليه وسلم : " لا حسد إلا في اثنتين ، رجل آتاه الله القرآن ، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار " .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق آدم بألف عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن ، قالوا : طوبى لأمة ينزل عليهم هذا وطوبى لألسن تتكلم بهذا ، وطوبى لأجواف تحمل هذا ) .
وقال ابن مسعود : ( تعلموا القرآن واتلوه ، فإن لكم بكل حرف عشر حسنات ) .
[ ص: 539 ] وفي السنن مما ذكرناه كثير والحمد لله .
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
فينبغي للمسلمين أن يتقوا الله تعالى ، ويتعلموا القرآن ، ويتعلموا أحكامه ؛ فيحلوا حلاله ويحرموا حرامه ، ويعملوا بمحكمه ، ويؤمنوا بمتشابهه ، ولا يماروا فيه ، ويعلموا أنه كلام الله تعالى غير مخلوق .
فإن عارضهم إنسان جهمي فقال : مخلوق ، أو قال : القرآن كلام الله ووقف ، أو قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، أو قال : هذا القرآن حكاية لما في اللوح المحفوظ فحكمه أن يهجر ولا يكلم ولا يصلى خلفه ، ويحذر منه .
وعليكم بعد ذلك بالسنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه رضي الله عنهم ، وقول التابعين ، وقول أئمة المسلمين مع فمن كان على هذا الطريق رجوت له من الله تعالى كل خير . ترك المراء والخصومة والجدال في الدين ،
[ ص: 540 ] وسأذكر بعد ذلك ما لا بد [ منه ] لمن كان هذا مذهبه وعلمه والعمل به من معرفة الإيمان ، وشريعة الإسلام حالا بعد حال ، والله الموفق لكل رشاد ، والمعين عليه إن شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .