الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

تفسير ابن رجب

ابن رجب الحنبلي - عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي

صفحة

جزء

قوله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله قال الله تعالى: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله قال أبو هريرة - رضي الله عنه - في هذه الآية: يجيئون بهم في السلاسل حتى يدخلونهم الجنة .

وفي الحديث المرفوع: "عجب ربك من قوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل " . [ ص: 207 ] فالجهاد في سبيل الله دعاء الخلق إلى الإيمان بالله ورسوله بالسيف واللسان، بعد دعائهم إليه بالحجة والبرهان . وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول الأمر لا يقاتل قوما حتى يدعوهم .

فالجهاد به تعلو كلمة الإيمان، وتتسع رقعة الإسلام، ويكثر الداخلون فيه . وهو وظيفة الرسل وأتباعهم، وبه تصير كلمة الله هي العليا . والمقصود منه أن يكون الدين كله لله، والطاعة له، كما قال تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله والمجاهد في سبيل الله هو المقاتل لتكون كلمة الله هي العليا خاصة .

قَوْلُهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ: يَجِيئُونَ بِهِمْ فِي السَّلَاسِلِ حَتَّى يُدْخِلُونَهُمُ الْجَنَّةَ .

وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: "عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ " . [ ص: 207 ] فَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعَاءُ الْخَلْقِ إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالسَّيْفِ وَاللِّسَانِ، بَعْدَ دُعَائِهِمْ إِلَيْهِ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ . وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَا يُقَاتِلُ قَوْمًا حَتَّى يَدْعُوَهُمْ .

فَالْجِهَادُ بِهِ تَعْلُو كَلِمَةُ الْإِيمَانِ، وَتَتَّسِعُ رُقْعَةُ الْإِسْلَامِ، وَيَكْثُرُ الدَّاخِلُونَ فِيهِ . وَهُوَ وَظِيفَةُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ، وَبِهِ تَصِيرُ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا . وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ، وَالطَّاعَةُ لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ وَالْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ هُوَ الْمُقَاتِلُ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا خَاصَّةً .

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث