سورة يونس
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي قيل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15لا يرجون لقاءنا وجهان :
أحدهما : لا يخافون عقابنا ؛ لأن الرجاء يقام مقام الخوف ، ومثله قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13ما لكم لا ترجون لله وقارا قيل : معناه لا تخافون لله عظمة .
والوجه الآخر : لا تطمعون في ثوابنا كقولهم : تاب رجاء لثواب الله ، وخوفا من عقابه . والفرق بين الإتيان بغيره وبين تبديله أن الإتيان بغيره لا يقتضي رفعه بل يجوز بقاؤه معه ، وتبديله لا يكون إلا برفعه ووضع آخر مكانه ، أو شيء منه .
وكان سؤالهم لذلك على وجه التعنت والتحكم ؛ إذ لم يجدوا سببا آخر يتعلقون به ، ولم يجز أن يكون الأمر موقوفا على اختيارهم وتحكمهم ؛ لأنهم غير عالمين بالمصالح ، ولو جاز أن يأتي بغيره ، أو يبدله بقولهم لقالوا في الثاني مثله في الأول وفي الثالث مثله في الثاني فكان يصير دلائل الله تعالى تابعة لمقاصد السفهاء ، وقد قامت الحجة عليهم
[ ص: 375 ] بهذا القرآن ، فإن لم يكن يقنعهم ذلك مع عجزهم فالثاني والثالث مثله .
وربما احتج بهذه الآية بعض من يأبى جواز
nindex.php?page=treesubj&link=22218نسخ القرآن بالسنة ؛ لأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ومجيز نسخ القرآن بالسنة مجيز لتبديله من تلقاء نفسه . وليس هذا كما ظنوا ؛ وذلك لأنه ليس في وسع النبي صلى الله عليه وسلم تبديل القرآن بقرآن مثله ولا الإتيان بقرآن غيره ، وهذا الذي سأله المشركون ولم يسألوه تبديل الحكم دون اللفظ ، والمستدل بمثله في هذا الباب مغفل . وأيضا فإن نسخ القرآن لا يجوز عندنا إلا بسنة هي وحي من قبل الله تعالى ، قال الله عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى فنسخ حكم القرآن بالسنة إنما هو نسخ بوحي الله لا من قبل النبي صلى الله عليه وسلم .
سُورَةُ يُونُسَ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : لَا يَخَافُونَ عِقَابَنَا ؛ لِأَنَّ الرَّجَاءَ يُقَامُ مَقَامَ الْخَوْفِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=13مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا قِيلَ : مَعْنَاهُ لَا تَخَافُونَ لِلَّهِ عَظَمَةً .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ : لَا تَطْمَعُونَ فِي ثَوَابِنَا كَقَوْلِهِمْ : تَابَ رَجَاءً لِثَوَابِ اللَّهِ ، وَخَوْفًا مِنْ عِقَابِهِ . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِتْيَانِ بِغَيْرِهِ وَبَيْنَ تَبْدِيلِهِ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِغَيْرِهِ لَا يَقْتَضِي رَفْعَهُ بَلْ يَجُوزُ بَقَاؤُهُ مَعَهُ ، وَتَبْدِيلُهُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِرَفْعِهِ وَوَضْعِ آخَرَ مَكَانَهُ ، أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ .
وَكَانَ سُؤَالُهُمْ لِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعَنُّتِ وَالتَّحَكُّمِ ؛ إِذْ لَمْ يَجِدُوا سَبَبًا آخَرَ يَتَعَلَّقُونَ بِهِ ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ مَوْقُوفًا عَلَى اخْتِيَارِهِمْ وَتَحَكُّمِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ عَالِمِينَ بِالْمَصَالِحِ ، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَأْتِيَ بِغَيْرِهِ ، أَوْ يُبَدِّلَهُ بِقَوْلِهِمْ لَقَالُوا فِي الثَّانِي مِثْلَهُ فِي الْأَوَّلِ وَفِي الثَّالِثِ مِثْلَهُ فِي الثَّانِي فَكَانَ يَصِيرُ دَلَائِلُ اللَّهِ تَعَالَى تَابِعَةً لِمَقَاصِدِ السُّفَهَاءِ ، وَقَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ
[ ص: 375 ] بِهَذَا الْقُرْآنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُقْنِعُهُمْ ذَلِكَ مَعَ عَجْزِهِمْ فَالثَّانِي وَالثَّالِثُ مِثْلُهُ .
وَرُبَّمَا احْتَجَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ بَعْضُ مَنْ يَأْبَى جَوَازَ
nindex.php?page=treesubj&link=22218نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي وَمُجِيزُ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ مُجِيزٌ لِتَبْدِيلِهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ . وَلَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنُّوا ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْدِيلُ الْقُرْآنِ بِقُرْآنٍ مِثْلِهِ وَلَا الْإِتْيَانِ بِقُرْآنٍ غَيْرِهِ ، وَهَذَا الَّذِي سَأَلَهُ الْمُشْرِكُونَ وَلَمْ يَسْأَلُوهُ تَبْدِيلَ الْحُكْمِ دُونَ اللَّفْظِ ، وَالْمُسْتَدِلُّ بِمِثْلِهِ فِي هَذَا الْبَابِ مُغَفَّلٌ . وَأَيْضًا فَإِنَّ نَسْخَ الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا إِلَّا بِسُنَّةٍ هِيَ وَحْيٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى فَنَسْخُ حُكْمِ الْقُرْآنِ بِالسُّنَّةِ إِنَّمَا هُوَ نَسْخٌ بِوَحْيِ اللَّهِ لَا مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .