(62) الثاني والستون من شعب الإيمان " وهو باب في رد السلام "
قال الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ) .
فأبان أنه عز وجل أمر به ؛ لأنه أفضل ، وقال : ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم ) ، يعني : يسلم بعضكم على بعض ( تحية من عند الله مباركة طيبة ) فمن سلم فإنما يتأدب بأدب الله عز وجل ، ويحيي إخوانه المسلمين بما أمره الله تعالى أن يحييهم به ، ثم إنه جل وعز قال في الرد : ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) .
فأمر أن يقابل المحيي بأحسن من تحيته أو يرد تحيته عليه .
وقد بينا أن أو يقول له مثله ، فيكون قد رد عليه تحيته ، ومعنى الرد أن يدعو له مثل ما دعا ، فيقول : وعليكم السلام ، أو يزيد فيقول : ورحمة الله ، وإن كان قد قال المسلم : السلام عليكم ورحمة الله ، قال في الجواب : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وهذا آخر السلام ، ورده في الشريعة . السلام تحية ، فصح أن من سلم عليه فعليه أن يجيب المسلم بأحسن من تسليمه ،
قال : وإنما كان رد السلام فرضا ، وإن كان الابتداء تحية وبرا ؛ لأن الأصل في التسليم أنه كلام أمان ، فإن من دعا لآخر بالسلامة ، فقد أعلمه من نفسه أنه لا يريد به شرا ، [ ص: 359 ] والأمان لا يتفرق حكمه بين اثنين ، كان أحدهما آمنا من الآخر ، فواجب أن يكون الآخر آمنا منه ، فلا يجوز إذا سلم واحد على آخر أن يسكت عنه ، فيكون قد أخافه ، وأوهمه الشر ، فلذلك وجب عليه الرد .