(57) السابع والخمسون من شعب الإيمان " وهو باب في حسن الخلق " .
ودخل في هذا كظم الغيظ ، ولين الجانب ، والتواضع .قال : الإمام أحمد سلامة النفس نحو الأرفق الأحمد من الأفعال ، وقد يكون ذلك في ذات الله تعالى ، وقد يكون فيما بين الناس ، وهو في ذات الله - عز وجل - أن يكون العبد منشرح الصدر بأوامر الله ونواهيه ، يفعل ما فرض عليه طيب النفس به ، سلسا نحوه ، وينتهي عما حرم عليه ، واسعا به صدره ، غير متضجر منه ، ويرغب في نوافل الخير ، وترك كثيرا من المباح لوجه الله تعالى إذا رأى أن تركه أقرب إلى العبودية من فعله ، متبشرا لذلك غير ضجر منه ، ولا متعسر به ، وهو في المعاملات بين الناس أن يكون سمحا بحقوقه لا يطالب غيره بها ، ويوفي ما يجب لغيره عليها منه ، فإن مرض فلم يعد ، أو قدم من سفر فلم يزر ، أو سلم فلم يرد عليه ، أو ضاف فلم يكرم ، أو شفع فلم يجب ، أو أحسن فلم يشكر ، أو دخل على قوم فلم يمكن ، أو تكلم فلم ينصت له ، أو استأذن على صديق فلم يؤذن له ، أو خطب فلم يزوج ، أو استمهل الدين فلم يمهل ، أو استنقص فلم ينقص ، وما أشبه ذلك لم يغضب ، ولم يعاقب ، ولم يتنكر من حاله حال ، ولم يستشعر في نفسه أنه قد جفا [ ص: 351 ] وأوحش ، وأنه يقابل كل ذلك إذا وجد السبيل إليه بمثله ، بل يضمر أنه لا يعتد بشيء من ذلك ، ويقابل كل ذلك إذا وجد السبيل إليه بمثله ، بل يضمر أنه لا يعتد بشيء من ذلك ويقابل كلا منه بما هو أحسن وأفضل ، وأقرب إلى البر والتقوى ، وأشبه بما يحمد ويرضى ، ثم يكون في إيفاء ما يكون عليه ، كهو في حط ما يكون له ، فإذا مرض أخوه المسلم عاده ، وإن جاءه في شفاعة شفعه ، وإن استمهله في قضاء دين أمهله ، وإن احتاج منه إلى معونة أعانه ، وإن استسمحه في بيع سمح له ، ولا ينظر إلى أن الذي عامله كيف كانت معاملته إياه فيما خلا ، أو كيف يعامل الناس ، إنما يتخذ الأحسن إماما لنفسه ، فينحو نحوه ولا يخالفه . ومعنى حسن الخلق
وإنما يصح اكتسابه لمن كان في غريزته أصل منه ، فهو يضم باكتسابه إليه ما يتممه ، ومعلوم في العادات أن ذا الرأي يزداد بمجالسة أولي الأحلام والنهى رأيا ، وأن العالم يزداد بمخالطة العلماء علما ، وكذلك الصالح والعاقل بمجالسة الصلحاء والعقلاء ، فلا ينكر أن يكون ذو الخلق الجميل يزداد حسن الخلق بمجالسة أولي الأخلاق الحسنة ، وبالله التوفيق . والخلق الحسن قد يكون غريزة ، وقد يكون مكتسبا ،