" " حديث ابن العابد الذي ارتد ثم عاد إلى الإسلام
[ 6710 ] أخبرنا ، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل قالا : حدثنا ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا يحيى بن أبي طالب ، حدثنا علي بن عاصم ، عن داود بن أبي هند ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن سعيد بن جبير قال : كان في ابن عباس بني إسرائيل رجل عابد وكان معتزلا في كهف له ، قال : فكان بنو إسرائيل ، قد أعجبوا بعبادته ، فبينا هم عند نبيهم عليه السلام إذ ذكروه فأثنوا عليه ، فقال النبي عليه السلام : إنه لكما تقولون لولا أنه تارك لشيء من السنة ، قال : فنقل ذلك إلى العابد قال : ففكر العابد فقال : علام أؤدب نفسي وأتعبها ؟ أصوم النهار ، وأقوم الليل ، وأنا تارك لشيء من السنة ، قال : فهبط من مكانه ، قال : وأتى النبي عليه السلام والناس عنده ، فسلم عليه ، فرد عليه النبي والنبي لا يعرفه بوجهه ، ويعرفه باسمه ، فقال : يا نبي الله إنه بلغني أني ذكرت عندك بخير فقلت : إنه لكما تقولون لولا أنه تارك لشيء من السنة ، فإن كنت تاركا لشيء من السنة فعلام أؤدب نفسي ؟ أصوم النهار وأقوم الليل ، فقال له النبي عليه السلام : أنت فلان ؟ قال : نعم ، قال : ما هو بشيء أحدثته في الإسلام إلا أنك لا تزوج ، فقال له العابد : وما هو إلا هذا ؟ قال : لا ، قال : فكأن العابد استخف بذلك فلما رأى النبي عليه السلام ذلك ، قال : أرأيت لو فعل الناس ما فعلت من أين كان يكون هذا النسل من كان ينفي العدو عن ذراري المسلمين ؟ من كان يأمر بالمعروف ، وينهى عن المنكر ، من كان يجمع في المسلمين ؟ قال : فعرف العابد قال : فقال : يا نبي الله هو كما قلت ، ما بي أن أكون أحرمه ، ولكني أخبرك عني أنا رجل فقير ، وأنا كل عن الناس وهم يطعمونني ويكسونني ليس لي مال ، فأنا أكره أن أتزوج امرأة مسلمة أعضلها وليس عندي ما أنفق عليها ، وأما الأغنياء فلا يزوجونني ، قال : فقال النبي عليه السلام : [ ما بك إلا ذاك ؟ قال : نعم ، قال النبي عليه السلام ] : فأنا أزوجك ابنتي ، قال : وتفعل ؟ قال : نعم ، [ ص: 322 ] قال : قبلت ، فزوجه ابنته ، قال : فدخل بها فولدت له غلاما ، قال : فوالله ما ولد في ابن عباس بني إسرائيل مولود كانوا أشد فرحا به منهم بذاك الغلام ، قالوا : ابن عابدنا وابن نبينا إنا نرجو أن يبلغ الله به ما بلغ رجل منا ، قال : فلما بلغ الغلام انقطع إلى عبدة الأوثان ، قال : فتبعه فئام منهم كثير ، قال : فلما رأى كثرتهم ، قال لهم : إني أراكم كثيرا ، وإن هؤلاء القوم غالبون لكم فيم ذاك ؟ قالوا نخبرك لهم رأس وليس لنا رأس ، قال : ومن رأسهم ؟ قالوا : جدك ، وليس لنا رأس ، قال : فأنا رأسكم ، قالوا : تفعل ؟ قال : نعم ، قال : فخرج وخرج معه خلق كثير ، قال : فأرسل جده وأبوه أن اتق الله خرجت علينا بعبدة الأوثان ، وتركت الإسلام ، وأخذت في دين غيره ، فأبى ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وخرج معه أبوه فدعوه ، فأبى ، فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل ، ثم اقتتلوا اليوم الثاني ، حتى حجز الليل بينهم ، فقتل النبي وقتل أبوه وانهزم المسلمون ، وضبط الأرض واستوسق له الناس ، قال : فلما رأى ذلك اجتمع المسلمون ، فقالوا : قد خلينا له عن الملك وهو يتبعنا ، ويقتلنا وانهزمنا عن نبينا وعابدنا حتى قتلا ، وليس يدعنا أو يقتلنا فتعالوا نتوب إلى الله توبة نصوحا ، فنقتل ونحن تائبون فتابوا إلى الله وولوا رجلا منهم أمرهم فخرجوا إليه ، فاقتتلوا أول يوم حتى حجز بينهم الليل ، ثم غدوا فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل وكثرت القتلى بينهم ، وغدوا اليوم الثالث فاقتتلوا فلما علم الله منهم الصدق وأنهم قد تابوا تاب الله عليهم ، وأقبلت الريح لهم ، فقال لهم صاحبهم : إني لأرجو أن يكون الله قد تاب علينا ، وقبل منا ، إني أرى الريح قد أقبلت معنا ، فإن نصرنا الله فإن استطعتم أن تأخذوه سلما فلا تقتلوه ، قال : فأنزل الله عليهم النصر من آخر النهار فهزموهم ، وأخذوه أسيرا ومكن الله المسلمين في الأرض ، وظهر الإسلام ، قال : فجمع رأس المسلمين خيار الناس ، فقال : ما ترون في هذا بدل دينه ، ودخل مع عبدة الأوثان في دينهم ، وقتل نبينا جده ، وقتل أباه ؟ فقائل يقول : أحرقه بالنار يموت فيذهب ، وقائل يقول : قطعه ، قال : فقال : إنه يموت فيذهب ، قالوا : فأنت أعلم اصنع به ما شئت ، قال : فإني أرى أن أصلبه حيا ثم أدعه حتى يموت ، قالوا : افعل ذلك ، قال : ففعل ذلك به صلبه حيا ، وجعل عليه الحرس ولم [ ص: 323 ] يقتله ، وجعلوا لا يطعمونه ولا يسقونه ، فمكث أول يوم والثاني والثالث ، فلما كان في جوف الليل جهد الرجل إلى أوثانه التي كان يعبد من دون الله ، فجعل يدعو صنما صنما منها ، فإذا رآه لا يجيبه تركه ، ودعا آخر ، حتى دعاها كلها فلم تجبه قال : وجهد فقال : اللهم إني قد جهدت وقد دعوت الآلهة التي كنت أدعو من دونك فلم تجبني ، ولو كان عندها خير لأجابتني ، وأنا تائب إليك رب جدي وأبي فخلصني مما أنا فيه ، فإني قد تبت إليك وأنا من المسلمين ، فتحلل عنه عقده فإذا هو بالأرض ، فأخذ فأتي به صاحبهم ، فقال : ما ترون فيه ؟ فقالوا : ما نرى فيه الله يخلى عنه ، وتسألنا ما نرى فيه قال : صدقتم ، قال : فخلوا عنه ، قال : فقال ابن عباس : فوالله ما كان في بني إسرائيل بعد رجل خيرا منه .