(19) التاسع عشر من شعب الإيمان " وهو باب في تعظيم القرآن " .
قال أبو عبد الله الحليمي رحمه الله : " ذلك ينقسم إلى وجوه :
منها : تعلمه ، ومنها إدمان تلاوته بعد تعلمه .
ومنها : إحضار القلب إياه عند قراءته ، والتفكر فيه وتكرير آياته وترديدها واستشعار ما يهيج البكاء من مواعظ الله ووعيده فيها .
ومنها افتتاح القراءة بالاستعاذة .
ومنها فإذا ختم القرآن كله فلذلك آداب : قطع القراءة في وقته بالحمد والتصديق ، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم ، والشهادة بالتبليغ ،
منها أن يعود إلى أوله ، فيقرأ شيئا منه ثم يقطع .
ومنها أن يحضر أهله وولده عند الختم .
ومنها أن يتحرى الختم أول النهار أو أول الليل .
ومنها التكبير قبل الدعاء .
ومنها : الدعاء بما يراد من أمر الدين والدنيا .
ومن تعظيم القرآن :
الوقوف عند ذكر الجنة والنار ، والرغبة إلى الله عز وجل في الجنة ، والاستعاذة به من النار .
ومنها : الاعتراف لله تبارك وتعالى بما يقرر به عباده في آيات القرآن .
ومنها : السجود في آيات السجود .
ومنها : [ ص: 328 ] أن لا يقرأ في حال الجنابة ولا الحيض
ومنها : أن لا يحمل المصحف ولا يمسه في غير حال الطهارة .
ومنها : تنظيف الفم لأجل القرآن بالسواك والمضمضة .
ومنها : وإن كان الطيب دائما إلى الفراغ من القراءة فهو أحسن وأفضل . تحسين اللباس عند القراءة ، والتطيب ،
ومنها : أن إلا أن يكون في موضع لا لغو فيه ولا صخب . يجهر بالقراءة بالليل ، ويسر بها في النهار
ومنها : ومنها : أن أن لا يقطع السورة لمكالمة الناس ، ويقبل على قراءته حتى يفرغ منها . يحسن صوته بالقراءة أقصى ما يقدر عليه .
ومنها : أن يرتل القرآن ولا يهذه هذا .
ومنها : أن لا يقرأ القرآن كله في أقل من ثلاث .
ومنها : أن يعلم القرآن من يرغب إليه فيه ، ولا يترفع عنه بل يحتسب الأجر فيه ويغتنمه .
ومنها : أن يقرأ بالقراءات المستفيضة المجمع عليها ، ولا يتعداها إلى الغرائب والشواذ .
ومنها : أن لا يقبل القراءة إلا من العدول العلماء بما أخذوا ويؤدون .
ومنها : أن لا يعطل مصحفا إن كان عنده ، ولا يأتي عليه يوم إلا ينظر فيه ، وإلا يقرأ منه - وإن كان يحفظ القرآن - قراءة من المصحف وقتا وغير ناظر فيه وقتا ، ولا يهمله إهمالا .
ومنها : أن يقطع قراءته آية آية ولا يدرجها إدراجا .
ومنها : أن يتحرى لقراءته وختمه الصلاة فيكون قراءته فيها ما استطاع ، ولا يمنعه مانع .
ومنها : أن يعرض القرآن في كل سنة على من هو أبين فضلا في القراءة منه ، وأولى الأوقات بذلك شهر رمضان .
ومنها : أن يزداد من القراءة في شهر رمضان على ما يقرأ في غيره .
ومنها : ترك المماراة في القراءة .
ومنها : أن لا يفسر القرآن بالظن ، ولا يقال معنى هذه الآية هكذا إلا بدلالة لائحة تقوم عليه .
ومنها : أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو .
ومنها : [ ص: 329 ] أن يعرب القرآن ، ويقرأ بالتفخيم ، ولا يتجوز فيه
ومنها أن من أخذ في سورة منه لم يتجاوزها إلى غيرها قبل أن يستكملها .
ومنها : أنه إذا أراد أن يتم الختم له بإطلاق استوفى الحروف المختلف فيها ، فلا يبقى عليه حرف يثبته قارئ من أعلام القراء لم يقرأه .
ومنها : من محافظته عليه في غيرها ، بل لا يخل بها فيكون قد ترك الآية الأولى منها . أن يقرأ في كل سورة ما خلا سورة التوبة : بسم الله الرحمن الرحيم ، ويحافظ على ذلك في فاتحة الكتاب أشد
ومنها : أن يعرف كل سورة جاء في فضلها أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم حقا ، ولا يدع قراءتها في وقت ورود الخبر بفضل قراءتها فيه .
ومنها : أن يستشفي قارئ القرآن بما يحسنه منه ، ويتبرك بقراءته على نفسه وعلى غيره مريضا وحزينا وخائفا ومقيما ومسافرا رقية وغير رقية ، ويتبعه الدعاء والمسألة .
ومنها : أن يفرح بما آتاه الله من القرآن فرح الغني بغناه وذي السلطان بسلطانه ، ويستعظم نعمة الله تعالى عليه به ويحمده - عز اسمه - عليه .
ومنها : أن لا يباهي بقراءة القرآن قارئا غيره .
ومنها : أن لا يقرأ في الأسواق والمجالس ليعطى فيستأكل الأموال بالقرآن .
ومنها : أن لا يقرأ في الحمام والمواضع القذرة ، ولا في حال قضاء الحاجتين .
ومنها : أن لا يتعمق في القرآن فيقومه تقويم القدح ، ويتحرى أن لا يفاوت مدة مدة ولا همزة همزة وأن لا يخرج الحروف إلا من جميع مخرجه فيكون الألفاظ عند ذلك بلسانه كما يلاك الطعام .
ومنها : أن الجماعة إذا اجتمعوا في مسجد أو غيره يقرؤون القرآن لم يجهر به بعضهم على بعض جهرا يكونون فيه متخالجين متنازعين ، وهذا في غير الصلاة والخطبة ، وأما فيها فالإمام يقرأ وينصت المأموم لما يجهر به منه ، وإن قرؤوا خلفه لم يجهروا به ، ولم يزيدوا على أن يسمعوا أنفسهم ، ولا يقرأ أحد في حال الخطبة إذا كان يسمعها شيئا ، وإن قرأ أحد لجماعة لا في صلاة جهرا أنصت له الباقون إلا أن يكون فيهم مصل فلا ينصت .
ومنها : فيجوز [ ص: 330 ] أن لا يحمل على المصحف كتاب آخر ولا ثوب ولا شيء إلا أن يكون مصحفان فيوضع أحدهما فوق الآخر
ومنها : أن يفخم المصحف ، فيكتب مفرجا بأحسن خط يقدر عليه ، ولا يصغر مقداره ولا يقرمط حروفه .
ومنها : أن لا يخلط في المصحف ما ليس من القرآن بالقرآن كعدد الآيات والسجدات والعشرات والوقوف واختلاف القراءات ومعاني الآيات .
ومنها : أن ينور البيت الذي يقرأ فيه القرآن بتعليق القناديل ونصب الشماع فيه ، ويزاد في شهر رمضان في أنوار المساجد وتحليتها .
ومنها : وأكثر ، وبالله التوفيق . تعظيم أهل القرآن وتوقيرهم كتعظيم العلماء بالأحكام
وذلك خمسون فصلا حضرني ذكرها فأبينها ، وما أنكر أن يكون في الباب غيرها .
قال رحمه الله : " وأنا ذاكر في كل فصل من هذه الفصول بعض ما حضرني من الأخبار والآثار الواردة فيها إن شاء الله عز وجل " . البيهقي