أحد عشر: الحضارات مختلفة والمجتمعات كذلك:
الحضـارات المتوالية تتفق في أمور وتختلف في أخرى، والمجتمعات كذلك، والله تعالى خالق الكون يقول: ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين * إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم .... ) (هود:117-118)، ولا بد من أخذ هذا بنظر الاعتبار، وتبع ذلك (تنوع الخبرات) التاريخية، أما محاولة (محو الاختلاف) وصب كافة شعوب العالم في (قالب واحد) فهذا يعني (سلب) هذه الكيانات والشعوب لقدراتها الذاتية، على الحركة، وإهدار طاقاتها ثانيا، فعلى سبيل المثال، فالكثير من الشعوب الشرقية تجمع في سكانها (بدو وحضر) كما تجمع العديد من الأديان والخبرات التاريخية، ففي الهند - على سبيل المثال- (360) دينا، فهل يقاس ذلك بشعب صغير يستعمل لغة واحدة، وله عقيدة واحدة؟
إن الذين يريدون فرض قيمهم على العالم كله - لمجرد كونهم أقوياء- يفعلون المستحيل، وقد بدأت حضارتهم تتآكل من الداخل، وعليهم الاشتغال بترميمها، بدلا من فرضها بالقوة على (الغير).
لقد كانت الإمبراطوريات تفشل وتنهار كلما توسعت، فهل من المفيد إعادة التجارب الفاشلة؟ [ ص: 150 ]