فصل في مراتب إياك نعبد علما وعملا
، فأما مراتبها العلمية فمرتبتان : للعبودية مراتب ، بحسب العلم والعمل
إحداهما : العلم بالله ، والثانية : العلم بدينه .
فأما العلم به سبحانه ، فخمس مراتب : العلم بذاته ، وصفاته ، وأفعاله ، وأسمائه ، وتنزيهه عما لا يليق به .
والعلم بدينه مرتبتان ، إحداهما : دينه الأمري الشرعي ، وهو الصراط المستقيم الموصل إليه .
والثانية : دينه الجزائي ، المتضمن ثوابه وعقابه ، وقد دخل في هذا العلم العلم بملائكته وكتبه ورسله .
وأما مراتبها العلمية ، فمرتبتان : مرتبة لأصحاب اليمين ، ومرتبة للسابقين المقربين .
فأما مرتبة أصحاب اليمين : فأداء الواجبات ، وترك المحرمات ، مع ارتكاب المباحات ، وبعض المكروهات ، وترك بعض المستحبات .
وأما رتبة المقربين : فالقيام بالواجبات والمندوبات ، وترك المحرمات والمكروهات ، زاهدين فيما لا ينفعهم في معادهم ، متورعين عما يخافون ضرره .
وخاصتهم قد انقلبت المباحات في حقهم طاعات وقربات بالنية فليس في [ ص: 129 ] حقهم مباح متساوي الطرفين ، بل كل أعمالهم راجحة ، ومن دونهم يترك المباحات مشتغلا عنها بالعبادات ، وهؤلاء يأتونها طاعات وقربات ، ولأهل هاتين المرتبتين درجات لا يحصيها إلا الله .