فصل : في بيان تضمنها للرد على القائلين بالموجب بالذات دون الاختيار والمشيئة ، وبيان أنه سبحانه فاعل مختار ، وذلك من وجوه :
أحدها :
nindex.php?page=treesubj&link=33144من إثبات حمده ، إذ كيف يحمد على ما ليس مختارا لوجوده ، ولا هو بمشيئته وفعله ؟ وهل يصح حمد الماء على آثاره وموجباته ؟ أو النار والحديد وغيرها في عقل أو فطرة ؟ وإنما يحمد الفاعل المختار بقدرته ومشيئته على أفعاله الحميدة ، هذا الذي ليس يصح في العقول والفطر سواه ، فخلافه خارج عن الفطرة والعقل وهو لا ينكر خروجه عن الشرائع والنبوات ، بل يتبجح بذلك ويعده فخرا .
الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=28657إثبات ربوبيته تعالى يقتضي فعله بمشيئته واختياره ، وتدبيره وقدرته ، وليس يصح في عقل ولا فطرة ربوبية الشمس لضوئها ، والماء لتبريده ، وللنبات الحاصل به ، ولا ربوبية شيء أبدا لما لا قدرة له عليه البتة ، وهل هذا إلا تصريح بجحد الربوبية ؟
فالقوم كنوا للأغمار ، وصرحوا لأولي الأفهام .
[ ص: 89 ] الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=29687إثبات ملكه ، وحصول ملك لمن لا اختيار له ولا فعل ولا مشيئة غير معقول ، بل كل مملوك له مشيئة واختيار وفعل أتم من هذا الملك وأكمل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون .
الرابع : من كونه مستعانا ، فإن الاستعانة بمن لا اختيار له ولا مشيئة ولا قدرة محال .
الخامس : من كونه مسئولا أن يهدي عباده ، فسؤال من لا اختيار له محال ، وكذلك من كونه منعما .
فَصْلٌ : فِي بَيَانِ تُضَمُّنِهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُوجَبِ بِالذَّاتِ دُونَ الِاخْتِيَارِ وَالْمَشِيئَةِ ، وَبَيَانِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ :
أَحَدُهَا :
nindex.php?page=treesubj&link=33144مِنْ إِثْبَاتِ حَمْدِهِ ، إِذْ كَيْفَ يُحْمَدُ عَلَى مَا لَيْسَ مُخْتَارًا لِوُجُودِهِ ، وَلَا هُوَ بِمَشِيئَتِهِ وَفِعْلِهِ ؟ وَهَلْ يَصِحُّ حَمْدُ الْمَاءِ عَلَى آثَارِهِ وَمُوجَبَاتِهِ ؟ أَوِ النَّارِ وَالْحَدِيدِ وَغَيْرِهَا فِي عَقْلٍ أَوْ فِطْرَةٍ ؟ وَإِنَّمَا يُحْمَدُ الْفَاعِلُ الْمُخْتَارُ بِقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ عَلَى أَفْعَالِهِ الْحَمِيدَةِ ، هَذَا الَّذِي لَيْسَ يَصِحُّ فِي الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ سِوَاهُ ، فَخِلَافُهُ خَارِجٌ عَنِ الْفِطْرَةِ وَالْعَقْلِ وَهُوَ لَا يُنْكِرُ خُرُوجَهُ عَنِ الشَّرَائِعِ وَالنُّبُوَّاتِ ، بَلْ يَتَبَجَّحُ بِذَلِكَ وَيَعُدُّهُ فَخْرًا .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=28657إِثْبَاتُ رُبُوبِيَّتِهِ تَعَالَى يَقْتَضِي فِعْلَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ ، وَتَدْبِيرِهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَلَيْسَ يَصِحُّ فِي عَقْلٍ وَلَا فِطْرَةٍ رُبُوبِيَّةُ الشَّمْسِ لِضَوْئِهَا ، وَالْمَاءِ لِتَبْرِيدِهِ ، وَلِلنَّبَاتِ الْحَاصِلِ بِهِ ، وَلَا رُبُوبِيَّةُ شَيْءٍ أَبَدًا لِمَا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ ، وَهَلْ هَذَا إِلَّا تَصْرِيحٌ بِجَحْدِ الرُّبُوبِيَّةِ ؟
فَالْقَوْمُ كَنَّوْا لِلْأَغْمَارِ ، وَصَرَّحُوا لِأُولِي الْأَفْهَامِ .
[ ص: 89 ] الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29687إِثْبَاتُ مِلْكِهِ ، وَحُصُولُ مِلْكٍ لِمَنْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ وَلَا فِعْلَ وَلَا مَشِيئَةَ غَيْرُ مَعْقُولٍ ، بَلْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهُ مَشِيئَةٌ وَاخْتِيَارٌ وَفِعْلٌ أَتَمُّ مِنْ هَذَا الْمَلِكِ وَأَكْمَلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=17أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ .
الرَّابِعُ : مِنْ كَوْنِهِ مُسْتَعَانًا ، فَإِنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِمَنْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ وَلَا مَشِيئَةَ وَلَا قُدْرَةَ مُحَالٌ .
الْخَامِسُ : مِنْ كَوْنِهِ مَسْئُولًا أَنْ يَهْدِيَ عِبَادَهُ ، فَسُؤَالُ مَنْ لَا اخْتِيَارَ لَهُ مُحَالٌ ، وَكَذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ مُنْعِمًا .