فصل منزلة الفقر
ومن منازل
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إياك نعبد وإياك نستعين nindex.php?page=treesubj&link=30392منزلة الفقر
هذه المنزلة أشرف منازل الطريق عند القوم ، وأعلاها وأرفعها . بل هي روح كل منزلة وسرها ولبها وغايتها .
وهذا إنما يعرف بمعرفة
nindex.php?page=treesubj&link=29543حقيقة الفقر . والذي تريد به هذه الطائفة أخص من معناه الأصلي . فإن لفظ الفقر وقع في القرآن في ثلاثة مواضع .
أحدها : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف - الآية أي الصدقات لهؤلاء . كان فقراء المهاجرين نحو أربعمائة . لم يكن لهم مساكن في
المدينة ولا عشائر . وكانوا قد حبسوا
[ ص: 410 ] أنفسهم على الجهاد في سبيل الله . فكانوا وقفا على كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهم أهل الصفة . هذا أحد الأقوال في إحصارهم في سبيل الله .
وقيل : هو حبسهم أنفسهم في طاعة الله . وقيل : حبسهم الفقر والعدم عن الجهاد في سبيل الله .
وقيل : لما عادوا أعداء الله وجاهدوهم في الله تعالى أحصروا عن الضرب في الأرض لطلب المعاش . فلا يستطيعون ضربا في الأرض .
والصحيح : أنهم - لفقرهم وعجزهم وضعفهم - لا يستطيعون ضربا في الأرض ، ولكمال عفتهم وصيانتهم يحسبهم من لم يعرف حالهم أغنياء .
والموضع الثاني : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إنما الصدقات للفقراء - الآية .
والموضع الثالث : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15ياأيها الناس أنتم الفقراء إلى الله .
فالصنف الأول : خواص الفقراء . والثاني : فقراء المسلمين خاصهم وعامهم . والثالث : الفقر العام لأهل الأرض كلهم : غنيهم وفقيرهم ، مؤمنهم وكافرهم .
فالفقراء الموصوفون في الآية الأولى : يقابلهم أصحاب الجدة ، ومن ليس محصرا في سبيل الله ، ومن لا يكتم فقره تعففا . فمقابلهم أكثر من مقابل الصنف الثاني .
والصنف الثاني : يقابلهم الأغنياء أهل الجدة . ويدخل فيهم المتعفف وغيره . والمحصر في سبيل الله وغيره .
والصنف الثالث : لا مقابل لهم . بل الله وحده الغني . وكل ما سواه فقير إليه .
ومراد القوم بالفقر شيء أخص من هذا كله . وهو تحقيق العبودية . والافتقار إلى الله تعالى في كل حالة .
وهذا المعنى أجل من أن يسمى فقرا . بل هو حقيقة العبودية ولبها . وعزل النفس عن مزاحمة الربوبية .
وسئل عنه
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ . فقال : حقيقته أن لا يستغني إلا بالله ، ورسمه : عدم الأسباب كلها .
يقول : عدم الوثوق بها والوقوف معها . وهو كما قال بعض المشايخ : شيء لا يضعه الله إلا عند من يحبه . ويسوقه إلى من يريده .
[ ص: 411 ] وسئل
رويم عن الفقر ؟ فقال : إرسال النفس في أحكام الله .
وهذا إنما يحمد في إرسالها في الأحكام الدينية والقدرية التي لا يؤمر بمدافعتها والتحرز منها .
وسئل
أبو حفص : بم يقدم الفقير على ربه ؟ فقال : ما للفقير شيء يقدم به على ربه سوى فقره .
وحقيقة الفقر وكماله كما قال بعضهم ، وقد سئل : متى يستحق الفقير اسم الفقر ؟ فقال : إذا لم يبق عليه بقية منه . فقيل له : وكيف ذاك ؟ فقال : إذا كان له فليس له . وإذا لم يكن له فهو له .
وهذه من أحسن العبارات عن معنى الفقر الذي يشير إليه القوم . وهو أن كله يصير لله عز وجل . لا يبقى عليه بقية من نفسه وحظه وهواه . فمتى بقي عليه شيء من أحكام نفسه ففقره مدخول .
ثم فسر ذلك بقوله : إذا كان له فليس له ، أي : إذا كان لنفسه فليس لله . وإذا لم يكن لنفسه فهو لله .
فحقيقة الفقر أن لا تكون لنفسك . ولا يكون لها منك شيء ، بحيث تكون كلك لله . وإذا كنت لنفسك فثم ملك واستغناء مناف للفقر .
وهذا الفقر الذي يشيرون إليه : لا تنافيه الجدة ولا الأملاك . فقد كان رسل الله وأنبياؤه في ذروته مع جدتهم ، وملكهم ،
كإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم كان أبا الضيفان . وكانت له الأموال والمواشي ، وكذلك كان
سليمان وداود عليهما السلام . وكذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم ، كان كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8ووجدك عائلا فأغنى فكانوا أغنياء في فقرهم . فقراء في غناهم .
فالفقر الحقيقي : دوام الافتقار إلى الله في كل حال ، وأن يشهد العبد - في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة - فاقة تامة إلى الله تعالى من كل وجه .
فالفقر ذاتي للعبد . وإنما يتجدد له لشهوده ووجوده حالا ، وإلا فهو حقيقة . كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية . قدس الله روحه :
والفقر لي وصف ذات لازم أبدا كما الغنى أبدا وصف له ذاتي
[ ص: 412 ] وله آثار وعلامات وموجبات وأسباب أكثر إشارات القوم إليها . كقول بعضهم : الفقير لا تسبق همته خطوته .
يريد : أنه ابن حاله ووقته . فهمته مقصورة على وقته لا تتعداه .
وقيل :
nindex.php?page=treesubj&link=29409أركان الفقر أربعة : علم يسوسه ، وورع يحجزه ، ويقين يحمله ، وذكر يؤنسه .
وقال
الشبلي : حقيقة الفقر أن لا يستغني بشيء دون الله .
وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله : متى يستريح الفقير ؟ فقال : إذا لم ير لنفسه غير الوقت الذي هو فيه .
وقال
أبو حفص : أحسن ما يتوسل به العبد إلى الله : دوام الافتقار إليه على جميع الأحوال . وملازمة السنة في جميع الأفعال ، وطلب القوت من وجه حلال .
وقيل : من حكم الفقر : أن لا تكون له رغبة . فإذا كان ولا بد فلا تجاوز رغبته كفايته .
وقيل : الفقير من لا يملك ولا يملك . وأتم من هذا : من يملك ولا يملكه مالك .
وقيل : من أراد الفقر لشرف الفقر مات فقيرا . ومن أراده لئلا يشتغل عن الله بشيء مات غنيا .
والفقر له بداية ونهاية . وظاهر وباطن ، فبدايته : الذل . ونهايته : العز . وظاهره : العدم . وباطنه : الغنى . كما قال رجل لآخر : فقر وذل ؟ فقال : لا . بل فقر وعز . فقال : فقر وثراء ؟ فقال : لا بل فقر وعرش ، وكلاهما مصيب .
واتفقت كلمة القوم على أن دوام الافتقار إلى الله - مع التخليط - خير من دوام الصفاء مع رؤية النفس والعجب ، مع أنه لا صفاء معهما .
وإذا عرفت معنى الفقر علمت أنه عين الغنى بالله . فلا معنى لسؤال من سأل : أي الحالين أكمل ؟ الافتقار إلى الله ، أم الاستغناء به ؟ .
فهذه مسألة غير صحيحة . فإن الاستغناء به هو عين الافتقار إليه .
وسئل عن ذلك
محمد بن عبد الله الفرغاني فقال : إذا صح الافتقار إلى الله
[ ص: 413 ] تعالى فقد صح الاستغناء بالله ، وإذا صح الاستغناء بالله كمل الغنى به . فلا يقال أيهما أفضل : الافتقار أم الاستغناء ؟ لأنهما حالتان لا تتم إحداهما إلا بالأخرى .
وأما كلامهم في مسألة الفقير الصابر ، والغني الشاكر وترجيح أحدهما على صاحبه .
فعند أهل التحقيق والمعرفة : أن التفضيل لا يرجع إلى ذات الفقر والغنى . وإنما يرجع إلى الأعمال والأحوال والحقائق . فالمسألة أيضا فاسدة في نفسها . فإن التفضيل عند الله تعالى بالتقوى ، وحقائق الإيمان . لا بفقر ولا غنى ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إن أكرمكم عند الله أتقاكم ولم يقل أفقركم ولا أغناكم .
قال شيخ الإسلام
ابن تيمية - قدس الله روحه - والفقر والغنى ابتلاء من الله لعبده . كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا أي ليس كل من وسعت عليه وأعطيته : أكون قد أكرمته ، ولا كل من ضيقت عليه وقترت : أكون قد أهنته ، فالإكرام : أن يكرم الله العبد بطاعته ، والإيمان به ، ومحبته ومعرفته . والإهانة : أن يسلبه ذلك .
قال - يعني
ابن تيمية - ولا يقع التفاضل بالغنى والفقر . بل بالتقوى ، فإن استويا في التقوى استويا في الدرجة . سمعته يقول ذلك .
وتذاكروا هذه المسألة عند
nindex.php?page=showalam&ids=17335يحيى بن معاذ . فقال : لا يوزن غدا الفقر ولا الغنى ، وإنما يوزن الصبر والشكر .
وقال غيره : هذه المسألة محال من وجه آخر . وهو أن كلا من الغني والفقير لا بد له من صبر وشكر . فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29544الإيمان نصفان : نصف صبر . ونصف شكر . بل قد يكون نصيب الغني وقسطه من الصبر أوفر . لأنه يصبر عن قدرة ، فصبره أتم من صبر من يصبر عن عجز . ويكون شكر الفقير أتم ؛ لأن الشكر هو استفراغ الوسع في طاعة الله ، والفقير أعظم فراغا للشكر من الغني . فكلاهما لا تقوم قائمة إيمانه إلا على ساقي الصبر والشكر .
نعم ، الذي يحكي الناس من هذه المسألة : فرعا من الشكر ، وفرعا من الصبر .
[ ص: 414 ] وأخذوا في الترجيح بينهما . فجردوا غنيا منفقا متصدقا ، باذلا ماله في وجوه القرب ، شاكرا لله عليه . وفقيرا متفرغا لطاعة الله . ولأوراد العبادات من الطاعات ، صابرا على فقره . فهل هو أكمل من ذلك الغني ، أم الغني أكمل منه ؟ .
فالصواب في مثل هذا : أن أكملهما أطوعهما . فإن تساوت طاعتهما تساوت درجاتهما . والله أعلم .
فَصْلٌ مَنْزِلَةُ الْفَقْرِ
وَمِنْ مَنَازِلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=5إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ nindex.php?page=treesubj&link=30392مَنْزِلَةُ الْفَقْرِ
هَذِهِ الْمَنْزِلَةُ أَشْرَفُ مَنَازِلِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْقَوْمِ ، وَأَعْلَاهَا وَأَرْفَعُهَا . بَلْ هِيَ رُوحُ كُلِّ مَنْزِلَةٍ وَسِرُّهَا وَلُبُّهَا وَغَايَتُهَا .
وَهَذَا إِنَّمَا يُعْرَفُ بِمَعْرِفَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=29543حَقِيقَةِ الْفَقْرِ . وَالَّذِي تُرِيدُ بِهِ هَذِهِ الطَّائِفَةُ أَخَصَّ مِنْ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيِّ . فَإِنَّ لَفْظَ الْفَقْرِ وَقَعَ فِي الْقُرْآنِ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ .
أَحَدُهَا : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ - الْآيَةَ أَيِ الصَّدَقَاتُ لِهَؤُلَاءِ . كَانَ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ نَحْوَ أَرْبَعِمِائَةٍ . لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَسَاكِنُ فِي
الْمَدِينَةِ وَلَا عَشَائِرُ . وَكَانُوا قَدْ حَبَسُوا
[ ص: 410 ] أَنْفُسَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ . فَكَانُوا وَقْفًا عَلَى كُلِّ سَرِيَّةٍ يَبْعَثُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَهُمْ أَهْلُ الصُّفَّةِ . هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي إِحْصَارِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
وَقِيلَ : هُوَ حَبْسُهُمْ أَنْفُسَهُمْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ . وَقِيلَ : حَبْسُهُمُ الْفَقْرُ وَالْعُدْمُ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
وَقِيلَ : لَمَّا عَادَوْا أَعْدَاءَ اللَّهِ وَجَاهَدُوهُمْ فِي اللَّهِ تَعَالَى أَحُصِرُوا عَنِ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ لِطَلَبِ الْمَعَاشِ . فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ .
وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُمْ - لِفَقْرِهِمْ وَعَجْزِهِمْ وَضَعْفِهِمْ - لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ ، وَلِكَمَالِ عِفَّتِهِمْ وَصِيَانَتِهِمْ يَحْسَبُهُمْ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَهُمْ أَغْنِيَاءَ .
وَالْمَوْضِعُ الثَّانِي : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=60إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ - الْآيَةَ .
وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=15يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ .
فَالصِّنْفُ الْأَوَّلُ : خَوَاصُّ الْفُقَرَاءِ . وَالثَّانِي : فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ خَاصِّهِمْ وَعَامِّهِمْ . وَالثَّالِثُ : الْفَقْرُ الْعَامُّ لِأَهْلِ الْأَرْضِ كُلِّهِمْ : غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ ، مُؤْمِنِهِمْ وَكَافِرِهِمْ .
فَالْفُقَرَاءُ الْمَوْصُوفُونَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى : يُقَابِلُهُمْ أَصْحَابُ الْجِدَةِ ، وَمَنْ لَيْسَ مُحْصَرًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَمَنْ لَا يَكْتُمُ فَقْرَهُ تَعَفُّفًا . فَمُقَابِلُهُمْ أَكْثَرُ مِنْ مُقَابِلِ الصِّنْفِ الثَّانِي .
وَالصِّنْفُ الثَّانِي : يُقَابِلُهُمُ الْأَغْنِيَاءُ أَهْلُ الْجِدَةِ . وَيَدْخُلُ فِيهِمُ الْمُتَعَفِّفُ وَغَيْرُهُ . وَالْمُحْصَرُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَيْرُهُ .
وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ : لَا مُقَابِلَ لَهُمْ . بَلِ اللَّهُ وَحْدَهُ الْغَنِيُّ . وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ .
وَمُرَادُ الْقَوْمِ بِالْفَقْرِ شَيْءٌ أَخَصُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ . وَهُوَ تَحْقِيقُ الْعُبُودِيَّةِ . وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالَةٍ .
وَهَذَا الْمَعْنَى أَجَلُّ مَنْ أَنْ يُسَمَّى فَقْرًا . بَلْ هُوَ حَقِيقَةُ الْعُبُودِيَّةِ وَلُبُّهَا . وَعَزْلُ النَّفْسِ عَنْ مُزَاحَمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ .
وَسُئِلَ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17335يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ . فَقَالَ : حَقِيقَتُهُ أَنْ لَا يَسْتَغْنِيَ إِلَّا بِاللَّهِ ، وَرَسْمُهُ : عَدَمُ الْأَسْبَابِ كُلِّهَا .
يَقُولُ : عَدَمُ الْوُثُوقِ بِهَا وَالْوُقُوفِ مَعَهَا . وَهُوَ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : شَيْءٌ لَا يَضَعُهُ اللَّهُ إِلَّا عِنْدَ مَنْ يُحِبُّهُ . وَيَسُوقُهُ إِلَى مَنْ يُرِيدُهُ .
[ ص: 411 ] وَسُئِلَ
رُوَيْمٌ عَنِ الْفَقْرِ ؟ فَقَالَ : إِرْسَالُ النَّفْسِ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ .
وَهَذَا إِنَّمَا يُحْمَدُ فِي إِرْسَالِهَا فِي الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ الَّتِي لَا يُؤْمَرُ بِمُدَافَعَتِهَا وَالتَّحَرُّزِ مِنْهَا .
وَسُئِلَ
أَبُو حَفْصٍ : بِمَ يَقْدَمُ الْفَقِيرُ عَلَى رَبِّهِ ؟ فَقَالَ : مَا لِلْفَقِيرِ شَيْءٌ يَقْدَمُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ سِوَى فَقْرِهِ .
وَحَقِيقَةُ الْفَقْرِ وَكَمَالُهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ، وَقَدْ سُئِلَ : مَتَى يَسْتَحِقُّ الْفَقِيرُ اسْمَ الْفَقْرِ ؟ فَقَالَ : إِذَا لَمْ يَبْقِ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْهُ . فَقِيلَ لَهُ : وَكَيْفَ ذَاكَ ؟ فَقَالَ : إِذَا كَانَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَهُوَ لَهُ .
وَهَذِهِ مِنْ أَحْسَنِ الْعِبَارَاتِ عَنْ مَعْنَى الْفَقْرِ الَّذِي يُشِيرُ إِلَيْهِ الْقَوْمُ . وَهُوَ أَنَّ كُلَّهُ يَصِيرُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . لَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ نَفْسِهِ وَحَظِّهِ وَهَوَاهُ . فَمَتَى بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ نَفْسِهِ فَفَقْرُهُ مَدْخُولٌ .
ثُمَّ فُسِّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : إِذَا كَانَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ ، أَيْ : إِذَا كَانَ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ . وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِنَفَسِهِ فَهُوَ لِلَّهِ .
فَحَقِيقَةُ الْفَقْرِ أَنْ لَا تَكُونَ لِنَفْسِكَ . وَلَا يَكُونَ لَهَا مِنْكَ شَيْءٌ ، بِحَيْثُ تَكُونُ كُلُّكَ لِلَّهِ . وَإِذَا كُنْتَ لِنَفْسِكَ فَثَمَّ مِلْكٌ وَاسْتِغْنَاءٌ مُنَافٍ لِلْفَقْرِ .
وَهَذَا الْفَقْرُ الَّذِي يُشِيرُونَ إِلَيْهِ : لَا تُنَافِيهِ الْجِدَةُ وَلَا الْأَمْلَاكُ . فَقَدْ كَانَ رُسُلُ اللَّهِ وَأَنْبِيَاؤُهُ فِي ذُرْوَتِهِ مَعَ جِدَتِهِمْ ، وَمُلْكِهِمْ ،
كَإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَبَا الضِّيفَانِ . وَكَانَتْ لَهُ الْأَمْوَالُ وَالْمَوَاشِي ، وَكَذَلِكَ كَانَ
سُلَيْمَانُ وَدَاوُدُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ . وَكَذَلِكَ كَانَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=8وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى فَكَانُوا أَغْنِيَاءَ فِي فَقْرِهِمْ . فُقَرَاءَ فِي غِنَاهُمْ .
فَالْفَقْرُ الْحَقِيقِيُّ : دَوَامُ الِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالٍ ، وَأَنْ يَشْهَدَ الْعَبْدَ - فِي كُلِّ ذَرَّةٍ مِنْ ذَرَّاتِهِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ - فَاقَةً تَامَّةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ .
فَالْفَقْرُ ذَاتِيٌّ لِلْعَبْدِ . وَإِنَّمَا يَتَجَدَّدُ لَهُ لِشُهُودِهِ وَوُجُودِهِ حَالًا ، وَإِلَّا فَهُوَ حَقِيقَةٌ . كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ . قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ :
وَالْفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتٍ لَازِمٌ أَبَدًا كَمَا الْغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِيُّ
[ ص: 412 ] وَلَهُ آثَارٌ وَعَلَامَاتٌ وَمُوجِبَاتٌ وَأَسْبَابٌ أَكْثَرُ إِشَارَاتِ الْقَوْمِ إِلَيْهَا . كَقَوْلِ بَعْضِهِمُ : الْفَقِيرُ لَا تَسْبِقُ هِمَّتَهُ خَطْوَتُهُ .
يُرِيدُ : أَنَّهُ ابْنُ حَالِهِ وَوَقْتِهِ . فَهِمَّتُهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى وَقْتِهِ لَا تَتَعَدَّاهُ .
وَقِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29409أَرْكَانُ الْفَقْرِ أَرْبَعَةٌ : عِلْمٌ يَسُوسُهُ ، وَوَرَعٌ يَحْجِزُهُ ، وَيَقِينٌ يَحْمِلُهُ ، وَذِكْرٌ يُؤْنِسُهُ .
وَقَالَ
الشِّبْلِيُّ : حَقِيقَةُ الْفَقْرِ أَنْ لَا يَسْتَغْنِيَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ .
وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16065سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : مَتَى يَسْتَرِيحُ الْفَقِيرُ ؟ فَقَالَ : إِذَا لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ غَيْرَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ .
وَقَالَ
أَبُو حَفْصٍ : أَحْسُنُ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ : دَوَامُ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ . وَمُلَازَمَةُ السُّنَّةِ فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ ، وَطَلَبُ الْقُوتِ مِنْ وَجْهٍ حَلَالٍ .
وَقِيلَ : مِنْ حُكْمِ الْفَقْرِ : أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ . فَإِذَا كَانَ وَلَا بُدَّ فَلَا تُجَاوِزُ رَغْبَتُهُ كِفَايَتَهُ .
وَقِيلَ : الْفَقِيرُ مَنْ لَا يَمْلِكُ وَلَا يُمْلَكُ . وَأَتَمُّ مِنْ هَذَا : مَنْ يَمْلِكُ وَلَا يَمْلِكُهُ مَالِكٌ .
وَقِيلَ : مَنْ أَرَادَ الْفَقْرَ لِشَرَفِ الْفَقْرِ مَاتَ فَقِيرًا . وَمَنْ أَرَادَهُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عَنِ اللَّهِ بِشَيْءٍ مَاتَ غَنِيًّا .
وَالْفَقْرُ لَهُ بِدَايَةٌ وَنِهَايَةٌ . وَظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ ، فَبِدَايَتُهُ : الذُّلُّ . وَنِهَايَتُهُ : الْعِزُّ . وَظَاهِرُهُ : الْعَدَمُ . وَبَاطِنُهُ : الْغِنَى . كَمَا قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ : فَقْرٌ وَذُلٌّ ؟ فَقَالَ : لَا . بَلْ فَقَرٌّ وَعِزٌّ . فَقَالَ : فَقْرٌ وَثَرَاءٌ ؟ فَقَالَ : لَا بَلْ فَقَرٌّ وَعَرْشٌ ، وَكِلَاهُمَا مُصِيبٌ .
وَاتَّفَقَتْ كَلِمَةُ الْقَوْمِ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ - مَعَ التَّخْلِيطِ - خَيْرٌ مِنْ دَوَامِ الصَّفَاءِ مَعَ رُؤْيَةِ النَّفْسِ وَالْعُجْبِ ، مَعَ أَنَّهُ لَا صَفَاءَ مَعَهُمَا .
وَإِذَا عَرَفْتَ مَعْنَى الْفَقْرِ عَلِمْتَ أَنَّهُ عَيْنُ الْغِنَى بِاللَّهِ . فَلَا مَعْنَى لِسُؤَالِ مَنْ سَأَلَ : أَيُّ الْحَالَيْنِ أَكْمَلُ ؟ الِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ ، أَمْ الِاسْتِغْنَاءُ بِهِ ؟ .
فَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ . فَإِنَّ الِاسْتِغْنَاءَ بِهِ هُوَ عَيْنُ الِافْتِقَارِ إِلَيْهِ .
وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَغَانِيُّ فَقَالَ : إِذَا صَحَّ الِافْتِقَارُ إِلَى اللَّهِ
[ ص: 413 ] تَعَالَى فَقَدْ صَحَّ الِاسْتِغْنَاءُ بِاللَّهِ ، وَإِذَا صَحَّ الِاسْتِغْنَاءُ بِاللَّهِ كَمَلَ الْغِنَى بِهِ . فَلَا يُقَالُ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ : الِافْتِقَارُ أَمْ الِاسْتِغْنَاءُ ؟ لِأَنَّهُمَا حَالَتَانِ لَا تَتِمُّ إِحْدَاهُمَا إِلَّا بِالْأُخْرَى .
وَأَمَّا كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ ، وَالْغَنِيِّ الشَّاكِرِ وَتَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ .
فَعِنْدَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ وَالْمَعْرِفَةِ : أَنَّ التَّفْضِيلَ لَا يَرْجِعُ إِلَى ذَاتِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى . وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إِلَى الْأَعْمَالِ وَالْأَحْوَالِ وَالْحَقَائِقِ . فَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا فَاسِدَةٌ فِي نَفْسِهَا . فَإِنَّ التَّفْضِيلَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّقْوَى ، وَحَقَائِقِ الْإِيمَانِ . لَا بِفَقْرٍ وَلَا غِنًى ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وَلَمْ يَقُلْ أَفْقَرُكُمْ وَلَا أَغْنَاكُمْ .
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
ابْنُ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ - وَالْفَقْرُ وَالْغِنَى ابْتِلَاءٌ مِنَ اللَّهِ لِعَبْدِهِ . كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ كَلَّا أَيْ لَيْسَ كُلُّ مَنْ وَسَّعْتُ عَلَيْهِ وَأَعْطَيْتُهُ : أَكُونُ قَدْ أَكْرَمْتُهُ ، وَلَا كُلُّ مَنْ ضَيَّقْتُ عَلَيْهِ وَقَتَّرْتُ : أَكُونُ قَدْ أَهَنْتُهُ ، فَالْإِكْرَامُ : أَنْ يُكْرِمَ اللَّهُ الْعَبْدَ بِطَاعَتِهِ ، وَالْإِيمَانِ بِهِ ، وَمَحَبَّتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ . وَالْإِهَانَةُ : أَنْ يَسْلُبَهُ ذَلِكَ .
قَالَ - يَعْنِي
ابْنَ تَيْمِيَّةَ - وَلَا يَقَعُ التَّفَاضُلُ بِالْغِنَى وَالْفَقْرِ . بَلْ بِالتَّقْوَى ، فَإِنِ اسْتَوَيَا فِي التَّقْوَى اسْتَوَيَا فِي الدَّرَجَةِ . سَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ .
وَتَذَاكَرُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=17335يَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ . فَقَالَ : لَا يُوزَنُ غَدًا الْفَقْرُ وَلَا الْغِنَى ، وَإِنَّمَا يُوزَنُ الصَّبْرُ وَالشُّكْرُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُحَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ . وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ لَا بُّدَ لَهُ مِنْ صَبْرٍ وَشُكْرٍ . فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29544الْإِيمَانَ نِصْفَانِ : نِصْفٌ صَبْرٌ . وَنِصْفٌ شُكْرٌ . بَلْ قَدْ يَكُونُ نَصِيبُ الْغَنِيِّ وَقِسْطُهُ مِنَ الصَّبْرِ أَوْفَرَ . لِأَنَّهُ يَصْبِرُ عَنْ قُدْرَةٍ ، فَصَبْرُهُ أَتَمُّ مَنْ صَبْرِ مَنْ يَصْبِرُ عَنْ عَجْزٍ . وَيَكُونُ شُكْرُ الْفَقِيرِ أَتَمَّ ؛ لِأَنَّ الشُّكْرَ هُوَ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ ، وَالْفَقِيرُ أَعْظَمُ فَرَاغًا لِلشُّكْرِ مِنَ الْغَنِيِّ . فَكِلَاهُمَا لَا تَقُومُ قَائِمَةُ إِيمَانِهِ إِلَّا عَلَى سَاقِي الصَّبْرِ وَالشُّكْرِ .
نَعَمِ ، الَّذِي يَحْكِي النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : فَرْعًا مِنَ الشُّكْرِ ، وَفَرْعًا مِنَ الصَّبْرِ .
[ ص: 414 ] وَأَخَذُوا فِي التَّرْجِيحِ بَيْنَهُمَا . فَجَرَّدُوا غَنِيًّا مُنْفِقًا مُتَصَدِّقًا ، بَاذِلًا مَالَهُ فِي وُجُوهِ الْقُرْبِ ، شَاكِرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ . وَفَقِيرًا مُتَفِرِّغًا لِطَاعَةِ اللَّهِ . وَلِأَوْرَادِ الْعِبَادَاتِ مِنَ الطَّاعَاتِ ، صَابِرًا عَلَى فَقْرِهِ . فَهَلْ هُوَ أَكْمَلُ مِنْ ذَلِكَ الْغَنِيِّ ، أَمِ الْغَنِيِّ أَكْمَلُ مِنْهُ ؟ .
فَالصَّوَابُ فِي مِثْلِ هَذَا : أَنَّ أَكْمَلَهُمَا أَطْوَعُهُمَا . فَإِنْ تَسَاوَتْ طَاعَتُهُمَا تَسَاوَتْ دَرَجَاتُهُمَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .