تنبيهات
الأول : : ما يجري صفة أو خبرا على الرب - تبارك وتعالى - أقسام
( أحدها ) : ما يرجع إلى نفس الذات ، كقولك ذات ، وموجود ، وشيء .
( الثاني ) : ما يرجع إلى صفات معنوية ، كالعليم والقدير ، والسميع والبصير .
( الثالث ) : ما يرجع إلى أفعاله ، كالخالق والرازق .
( الرابع ) : ما يرجع إلى التنزيه المحض ، ولا بد من تضمنه ثبوتا ، إذ لا كمال في العدم المحض ، كالقدوس السلام .
( الخامس ) : ما دل على جملة أوصاف عديدة ، لا تختص بصفة معينة ، بل هو دال على معان ، نحو المجيد العظيم الصمد ، فإن المجيد من اتصف بصفات متعددة من صفات الكمال ، ولفظه يدل على هذا ، فإنه موضوع للسعة والكثرة والزيادة ، ومنه قولهم : في كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار ، وأمجد الناقة علفا ، ومنه ( ذو العرش المجيد ) لسعة العرش وعظمته . والعظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال ، وكذلك الصمد .
( السادس ) : صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر ، وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد ، العفو القدير ، الحميد المجيد ، ونحو ذلك ، فإن الغنى من صفات الكمال ، والحمد كذلك ، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر ، فله ثناء من غناه ، وثناء من حمده ، وثناء من اجتماعهما ، وكذلك نظائرهما .
[ ص: 124 ] وأما صفات السلب المحض ، فلا تدخل في أوصافه - تعالى - إلا أن تكون متضمنة لثبوت ، كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية ، والسلام المتضمن لسلامته من كل نقص ، وبراءته من كل ما يضاد كماله ، وكذلك الإخبار عنه بالسلوب إنما هو لتضمنها ثبوتا ، كقوله - تعالى : ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) ، فإنه متضمن لكمال حياته وقيوميته ، وكذلك قوله : ( وما مسنا من لغوب ) متضمن لكمال قدرته ، وكذلك قوله : ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ) متضمن لكمال علمه ، ونظائر ذلك .