( ( سقى ضريحا حله صوب الرضا والعفو والغفران ما نجم أضا ) ) ( ( وحله وسائر الأئمة
منازل الرضوان أعلى الجنة ) )
( ( سقى ضريحا ) ) أي قبرا ، وفي حديث دفن النبي - صلى الله عليه وسلم : " " . قال في النهاية : الضارح هو الذي يعمل الضريح ، وهو القبر ، فعيل بمعنى مفعول من الضرح ، وهو الشق في الأرض ، ومنه في خبر سطيح ، أوفى على الضريح ، ( حله ) أي سكنه الإمام يرسل إلى اللاحد والضارح ، فأيهما سبق تركناه أحمد ونزل به ، يقال : حل المكان ، وبه يحل ويحل ، نزل به كاحتله ، وبه فهو حال ( صوب ) فاعل سقى ، وهو بفتح الصاد المهملة وسكون [ ص: 69 ] الواو فموحدة ، كالصيب : انصباب الغيث وإراقته ، ومجيء السماء بالمطر أي غيث ( الرضا ) ، وإراقته على قبره ، وانصبابه على ضريحه ، أي رضوان الله ورحمته وجوده وبركته ، ( و ) سقى ضريحا ، حله الإمام أحمد صوب ( العفو ) من الله والصفح ، ( والغفران ) بضم الغين المعجمة وسكون الفاء فراء فنون قبله ألف ، اسم من الغفر وهو الستر والتغطية ، يقال : غفر الله له ذنبه مغفرة وغفرانا غطى عليه وعفا عنه ، ومن أسمائه - تعالى - الغفار والغفور ، وهما من أبنية المبالغة ، ومعناهما الساتر لذنوب عباده وعيوبهم ، المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم ، والمغفرة إلباس الله - تعالى - العفو للمذنبين ، ولا يزال رضوان الله ورحمته وعفوه ومغفرته نازلة على ضريح الإمام أحمد - رضي الله عنه - ومتواصلة ومستمرة ( ما نجم ) أي كوكب من نجوم السماء ( أضا ) أي استنار ، يقال : ضاء وأضاء بمعنى استنار وصار مضيئا ، أي مدة دوام استنارة الكواكب في كبد السماء ، وفيه من المناسبة أنه تشبه بالنجوم العلماء بجامع الإنارة والهداية في الظلماء ، ( وحله ) الله - سبحانه - أي أحل الإمام - رضوان الله عليه - ( و ) أحل ( سائر ) أي بقية ( الأئمة ) من علماء الأمة ، وأعلام الأئمة من الأربعة المتبوعة مذاهبهم ، وغيرهم من أئمة الدين وأعلام المسلمين الذين بذلوا جهدهم في نشر السنة ، وتدوين الشريعة على الطريقة المرضية الحسنة ( منازل الرضوان ) من الرحيم الرحمن الكريم المنان في ( أعلى الجنة ) أي الدرجات العالية من الجنان على حسب مقامتهم الشامخة ، ومناصبهم الباذخة ، فلهم الفضيلة بالسبق والاجتهاد ، وبذل النصح وإرشاد العباد ، وعلى الذين جاءوا من بعدهم على ممر الزمان ، أن يقولوا : " أحمد بن حنبل ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " ، فرضوان الله ورحمته وعفوه وصفحه وغفرانه وبركته عليهم ولهم ، ما تعاقب الملوان ، وكر الحديدان ، والله ولي الإحسان .