( ( وبعد فاعلم أن كل العلم كالفرع للتوحيد فاسمع نظمي ) ) ( ( لأنه العلم الذي لا ينبغي
لعاقل لفهمه لم يبتغ ) )
( ( وبعد ) ) الواو بدل عن أما النائبة عن مهما ، ولتضمنها معنى الشرط لزمت الفاء في جوابها ، وبعد من الظروف المبينة ما لم تضف لفظا ومعنى ، أو ينوى ثبوت لفظ المضاف إليها ، أو تقطع عن الإضافة رأسا فتعرب حينئذ في الثلاثة ، وإن حذف المضاف إليها أو نوي ثبوت معناه بنيت على الضم ، ويؤتى [ ص: 56 ] بها للانتقال من أسلوب إلى غيره ، أي بعد البسملة والحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه . ويستحب الإتيان بها في الخطب والمكاتبات ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي بها في خطبه ومكاتباته للملوك وغيرهم . ونقل الإمام القاضي علاء الدين المرداوي الحنبلي في كتابه شرح التحرير أنه نقل ونحوها خمسة وثلاثون صحابيا . واختلف في أول من نطق بها ، فقيل إتيانه - صلى الله عليه وسلم - بأما بعد في خطبه داود - عليه السلام ، وعن أنها فصل الخطاب الذي أوتيه ; لأنها تفصل بين المقدمات والمقاصد ، وقيل : أول من نطق بها الشعبي يعقوب ، وقيل : أيوب ، وقيل : سليمان - عليهم السلام ، وقيل : قس بن ساعدة الإيادي ، وقيل : كعب بن لؤي ، وقيل : يعرب بن قحطان ، وقيل : سحبان وائل .
وعلى هذه الأقوال ففصل الخطاب الذي أوتيه داود - عليه السلام : " البينة على المدعي ، واليمين على من أنكر " . والأول وهو أول من تكلم بها داود - عليه السلام - أشبه ، كما قاله الحافظ ابن حجر العسقلاني وغيره ، ويمكن الجمع لكن نسبة أولية ذلك لسحبان وائل ساقط جدا . نعم ، زعم بعض الناس أن سحبان أول من نطق بها في الشعر ، حيث قال :
لقد علم القوم اليمانون أنني إذا قلت أما بعد أني خطيبها
وقد نظم ذلك الشمس الميداني مع زيادة آدم - عليه السلام - فقال :
جرى الخلف أما بعد من كان بادئا بها عد أقوالا وداود أقرب
ويعقوب أيوب الصبور وآدم وقس وسحبان وكعب ويعرب