( الثالث ) : اختلف العلماء في - عليهم الصلاة والسلام - هل تجوز استقلالا أم لا ؟ قال الإمام المحقق الصلاة على غير الأنبياء ابن القيم في ( جلاء الأفهام ) : هذه المسألة على نوعين :
أحدهما : أن يقال : اللهم صل على آل محمد ، فهذا يجوز ، ويكون عليه الصلاة والسلام داخلا في آله ، فالإفراد عنه وقع لفظا لا معنى .
الثاني : أن يفرد واحد بالذكر ، كقوله : اللهم صل على علي أو حسن أو أبي بكر أو غيرهم من الصحابة ومن بعدهم ، فكره ذلك الإمام مالك ، قال : لم يكن ذلك من عمل من مضى . وهو مذهب أبي حنيفة ، ، وسفيان بن عيينة ، وبه قال والثوري ، وقال طاوس - رضي الله [ ص: 55 ] عنهما : لا تنبغي الصلاة إلا على النبي ، ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار . وهذا مذهب ابن عباس ، روى عمر بن عبد العزيز ، عن ابن أبي شيبة جعفر بن برقان ، قال : كتب - رحم الله روحه : أما بعد ، فإن ناسا من الناس قد التمسوا الدنيا بعمل الآخرة ، وإن من القصاص قد أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل صلاتهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاء كتابي فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ، ودعاؤهم للمسلمين عامة ، وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز الشافعية ، ولهم ثلاثة أوجه : منع تحريم ، أو كراهة تنزيه ، أو من باب ترك الأولى ، حكاها النووي في الأذكار .
وقالت طائفة من العلماء : تجوز ، قال القاضي الصلاة على غير النبي استقلالا أبو يعلى - من أئمة مذهبنا - في كتابه رءوس المسائل : وبذلك قال ، الحسن البصري ، وخصيف ومجاهد ، ، ومقاتل بن سليمان ، وكثير من أهل التفسير ، وهو قول ومقاتل بن حيان - رضي الله عنه ، نص عليه في رواية الإمام أحمد أبي داود ، وقد سئل : أينبغي أن لا يصلى على أحد إلا على النبي - صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أليس قال علي لعمر : صلى الله عليك ؟ قال القاضي ، وبه قال ، إسحاق بن راهويه ، وأبو ثور ، واحتجوا بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - على جماعة من أصحابه ممن كان يأتيه بالصدقة . واختار الإمام المحقق وابن جرير الطبري ابن القيم الجواز ، ما لم يتخذه شعارا أو يخص به واحدا إذا ذكر دون غيره ، ولو كان أفضل منه ، كفعل الرافضة مع أمير المؤمنين علي وأهل بيته دون غيرهم من الصحابة - رضوان الله عليهم - أجمعين ، فيكره حينئذ ، ولو قيل بالتحريم ، لكان له وجه . هذا ملخص كلامه ، والله أعلم .