الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما هو أسلوب التعامل مع الأم التي تفرق بين أبنائها؟

السؤال

السلام عليكم.

أمي تعمل المكائد بيني وبين إخوتي لتفرق بيننا لمصالح مادية، تفتري علي كذباً لتوقع بيننا البغضاء، نمامة لا يهمها الحلال والحرام، لم أعد أحتمل سماع صوتها، مهما حاولت إرضاءها تستمر بالكذب والتلفيق، ماذا أفعل معها؟ بسببها خسرت إخوتي؛ لأني لم أطع هواها في التدخل في حياة زوجة أخي الذي يعطيها المال، وهو البار.

أنا فقيرة، تحملت وتغافلت كثيراً، وهي تطغى وتزيد، الآن لم أعد أستطيع التواصل معها، ماذا أفعل؟ حاولت حفظ كتاب الله، ولم أعد أريد إكمال الحفظ، حتى لا يصبح حجة علي، لقد تسممت حياتي كلها، نومي، وتعاملي مع زوجي وأولادي، أشعر وكأنني سقطت في النار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Om tark حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الصبر على الوالدة، فإن الصبر عليها من برها، وأن يلهم الوالدة السداد، وأن يهديها إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

أرجو أن تعلمي أن بر الوالدة من العبادات التي شرعها الله، بل ربطها بعبادته وتوحيده سبحانه وتعالى، والإنسان قد يبتلى بوالد أو والدة رضاهما صعب، وعندهما مثل هذه الإشكالات، فهذا ابتلاء واختبار من الله، فاستعيني بالله واصبري واقتربي من إخوانك وأخواتك، وبيني لهم الحقائق، وعاملي الوالدة بما يقتضيه حالها، ولا تقصري في القيام بما عليك، وإن قصرت الوالدة فسوف يحاسبها الله، أما أنت فلا تقصري؛ لأن الله أيضاً سيحاسبك في حال حصول أي تقصير، واحمدي الله إذ كان لك بيت وأسرة؛ فاشتغلي بطاعة الزوج واهتمي بأبنائك، واجتهدي أيضاً في القيام بما عليك بما تستطيعين، فإن ربنا العظيم هو القائل: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها).

ولا تطيعي الوالدة إن أمرتك بمعصية، بإيذاء أحد، أو تدخل في حياة أحد، ليس لنا أن نعصي الله من أجل أن نرضي الوالدين، ولكن مع ذلك فقد قال العظيم: (وصاحبهما في الدنيا معروفًا)، مهما يطلب الوالد أو الوالدة من إنسان من أمر فينبغي أن يلبيه، ويسارع بتنفيذه، إلا إذا كان هذا الأمر فيه معصية لله، فإن كان في الأمر معصية لله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن لا يعني ذلك أن نشتمهما وأن نرفضهما وأن نحرجهما؛ لأن الله حين ذكر الوالدين اللذان يدعوان ولدهما إلى الشرك، إلى الكفر، قال: "فلا تطعهما"، ثم قال بعدها: (وصاحبهما في الدنيا معروفاً واتبع سبيل من أناب إلي).

فكوني حريصة جداً على الاحتكام لآداب الشرع، ولا تظهري ما في نفسك من الغضب عليها؛ لأن هذا مما يجلب حزنها، ومما يزيد النار اشتعالاً، ولذلك نتمنى أن تسيري بسير المؤمنات الصالحات، تحتملين من الوالدة، تحسنين إليها، تصبرين عليها، وإذا لم نصبر على الوالدة والوالد فعلى من سيكون الصبر؟

ولا تجعلي هذا الذي يواجهك من مشاكل سببًا لإيقاف الحفظ والإقبال على كتاب الله، فإنك بذلك تتركين الدواء، فإن في الاشتغال بحفظ كتاب الله وتلاوته، والمواظبة على ذكره، ما ينسينا من آلام، وما يعيننا على تجاوز الصعوبات.

واعلمي أن حياتك بيدك، ليست بيد هذه الوالدة، وإن بالغت في الإساءة فسيأتي اليوم الذي يعرف فيه الأشقاء أنها غير دقيقة فيما قالت، وغير صادقة، ونكرر دعوتنا لك إلى التواصل مع إخوانك، حتى لا تتاح فرصة التشويه لسمعتك، أو نقل الإساءة والوشاية.

ونسأل الله أن يهدينا جميعاً لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً