الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي عصبية وتغضب لأتفه الأسباب، فكيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي شخصية عصبية جدًا، وتغضب لأتفه الأسباب، ولا أحد يطيقها في المنزل، قلت لها: عليك مساعدة والدتنا في أمور البيت؛ لأنها تطبخ وحدها، وتقوم بأعمال البيت، فشتمتني وصرخت علي، ثم أفسدت كتابي المدرسي، والآن خاصمتها وأنا غاضب منها.

أرشدوني -بارك الله فيكم-، هل هذا الخصام من قطيعة الرحم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك -ابننا الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبعد:

لا نشك لحظة من حسن قصدك، ونيتك الحسنة في تقويم أختك ودفعها إلى مساعدة أمك، وهذا شيء جيد، ونية صادقة، لكننا نود أن نلفت انتباهك إلى عدة أمور:

1- العصبية لا تواجه بالعناد، وإنما تواجه بالإقناع المغلف بالود والمحبة، ولذا عند أخذ أي موقف سلبي تجاه الأخت سيؤثر نفسيًا عليها، ويدفعها رغمًا عنها إلى إحداث مشاكل كان يمكن تجنبها.

2- التوجيه بالقدوة والعمل أوقع من التوجيه بالحديث والكلام، لذا نرجو منك متى ما وجدت والدتك تعمل في المطبخ وهي جالسة، استعن بالله وقم أمام أختك دون الحديث إليها، واجتهد في مساعدة والدتك، ولو بأمر بسيط.

3- التقرب من الأخت والاستماع إليها يقربك منها ويقربها منك، لذا نود منك التحبب لها، والاجتهاد في تنمية مشاعر الإخوة بينكما.

4- الاجتهاد في زيادة معدل التدين عند أختك عامل مهم في ترويضها، لذا نرجو منك استخدام الأساليب المباشرة وغير المباشرة في زيادة معدل تدينها، عن طريق الاستماع إلى المحاضرات، الندوات، مصاحبة الصالحات، كلها وسائل جيدة.

بعد ذلك نعود إلى لب سؤالك: الخصام وهل يحق لك ذلك مع أنك غاضب منها؟ وهنا نقول لك: أوقف الخصام فورًا، ولا تضع على نفسك خيرًا كثيرًا، واعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ، وَلكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا" [رواه البخاري في صحيحه]، وفي لفظٍ عند أحمد في مسنده: "إِنَّ الرَّحِمَ مُعَلّقَةٌ بِالعَرْشِ، وَلَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئ..." وذلك لما لفضل صلة الرحم من الأجر ومنها:

1- صلة الرحم علامة من علامات الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه".

2- صلة الرحم سبب لصلة الرحمن: ففي صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فقالَ اللَّهُ: مَن وصَلَكِ وصَلْتُهُ، ومَن قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ".

3- تعتبر أعجل الأعمال ثوابًا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس شيء أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابًا من صلة الرحم، وليس شيء أعجل عقابًا من البغي وقطيعة الرحم، واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع" [رواه البيهقي وصححه الألباني].

4- صلة الرحم سببًا لدخول الجنة: ففي الحديث: "أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذي قربى ومسلم، ورجل غني عفيف متصدق" [رواه مسلم].

5- صلة الرحم سببًا لمحبة الأهل وكثرة المال: ففي مسند الإمام أحمد قال صلى الله عليه وسلم: "صلة الرحم محبة في الأهل، مثراة في المال، منسأة في الأثر" [رواه أحمد].

6- تعتبر سبيلًا لسعة الرزق وطول العمر: ففي الحديث: "من أحب أن يبسط في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه" [رواه مسلم].

فانهض إلى أختك متذكرًا حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيامٍ يلتقيان فيُعْرِضُ هذا ويُعْرِضُ هذا، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ" وكن الأخير لتنال الأجر.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً