السؤال
السلام عليكم..
ما هي علامات الإخلاص لله عز وجل؟
السلام عليكم..
ما هي علامات الإخلاص لله عز وجل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يُبارك فيك، وأن يُكثر من أمثالك، وأن يُثبتك على الحق، وأن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنك تعلم أن الإخلاص هو خُلوص العمل من جميع الشوائب التي تُكدِّره حتى يكون أهلاً لقبول الله تبارك وتعالى له، بمعنى أنك تريد بعملك وجه الله تبارك وتعالى، ولا تريد أي شيءٍ آخر، لا من حظّ النفس ولا من حظِّ الدنيا، بل حتى حظِّ الآخرة، بمعنى أنك تريد وجه الله وفقط، والله تبارك وتعالى يُكافئك بما يُريد وكيفَ ما شاء.
هذه درجة عالية من الإخلاص – أي درجة حظ الآخرة – ولذلك تجد أن العلماء نصُّوا على أن الإخلاص عزيز جدًّا، عزيز جدًّا في الناس، قلَّما تجد من عباد الله تعالى من هو خالصٌ أو مُخلص.
ومن علامات الإخلاص – بارك الله فيك - : أولاً أن يستوي عملك في السِّرِّ والعلانية والباطن والظاهر، بمعنى أن عملك لا يختلف عن كونه أمام الناس أو بعيدًا عن الناس، فأنت تعمل عملاً بهمة معينة وجودة معينة وطريقة معينة؛ بصرف النظر عن وقوع هذا العمل أمام الناس أو بعيدًا عن الناس، فأنت إذا كنت تُصلي – على سبيل المثال – بالليل ولا يراك أحد سُوى الله، نفس الخشوع ونفس الخضوع ونفس الإقبال والإخبات والإنابة، ونفس المحافظة على الصلوات من حيث المحافظة على أركانها وعلى واجباتها وشروطها وسُننها، نفس هذه الطريقة تُصلي بها أمام الناس، لا يوجد هناك فارق؛ لأن معظم الناس يقعون في تزيين الأعمال أمام الناس، أما إذا خلو وحدهم فإنهم يُصلون صلاةً تختلفُ تمامًا عن الصلاة التي زيَّنوها وجمَّلوها من أجل نظر الناس إليهم.
العلامة الثانية أو العامل الثاني: أن يستوي عندك المدح والذَّمِّ، إذا فعلتَ خيرًا لا تنتظر النتيجة، فلو أنك تصدقتَ على إنسانٍ بصدقةٍ فمدحك وشكرَكَ، أو ذمَّك أو أساء إليك، كلاهما سواء عندك؛ لأنك ما أردت بذلك وجهه، وإنما أردتَّ وجه الله تبارك وتعالى، وأنت عندما ساعدتْهُ ساعدته تنفيذًا لأوامر الله، ليس حُبًّا فيه، ولا طمعًا لما في يده من الخير أو حتى طمعًا في دعائه، فإن بعض أهل العلم يرى أنك إن صنعتَ معروفًا لأحدٍ من الناس لا تطلب منه الدعاء لك؛ لأنك كأنك تطلبُ مكافئةً على عملك، والأولى أن تترك المكافئة لله تبارك وتعالى وحده.
العامل الثالث من العوامل – أو العلامة الثالثة -: ألا تطلب شُهودًا على عملك إلا الله، ولا تطلب الجزاء على عملك إلا منه.
ألا تطلب شهودًا على عملك بمعنى أنك لا تُكلِّم الناس تقول (فعلتُ) أو (عملتُ)، أو تنتظر من الناس أن يقولوا جزاك الله خيرًا على هذه الأفعال وغيرها، وإنما تقول: يا رب كفى بك عليمًا وكفى بك شاهدًا وكفى بك حسيبًا، ولا تنتظر كما ذكرت جزاءً من أحد سُوى الله تعالى، حتى وإن أساء إليك أهل الأرض جميعًا، هذا لا يُغيِّرُ فيك شعرة واحدة؛ لأنك ما أردتَّهم، ولا رغبتَ فيهم، وإنما أنت عندما أحسنتَ إليهم وصبرت على أذاهم إنما فعلت ذلك من أجل مرضاة حبيبك جل جلاله وتقدَّستْ أسماؤه.
عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أيضًا أن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، وأن يثبتك على ذلك، وأن يتوفاك عليه، فإن مقام الإخلاص مقامٌ عظيم، وأجرُ المخلَصين لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
هذا وبالله التوفيق.