السؤال
السلام عليكم.
تعرفت على إنسانة وقررت خطبتها، والحمد لله هي ميسورة الحال، وأنا مثلها، وباتباع العادات والتقاليد كلمت والدتي، فقدمت بالسؤال عنها، وقالت لي: إنها تعرفهم عن طريق أناس، وسيكون من الصعب تمام الزيجة، وذلك يرجع لضعف شخصية الوالد، فقلت لأمي: لا تستمعي لكلام الناس، ولا بد أن نذهب بأنفسنا. فذهبت وإخوتي ووفقنا الله للاتفاق، برغم أن الوالد كان سيء المعاملة، واحتد على والدتي من البداية، ولكنهم قالوا لي: لا تغضب! هو إنسان طيب، ولا يفعل شيئا.
مر الاتفاق بسلام على ما اتفقوا عليه، ولكن مع مرور الوقت -وخصوصا بعد ثلاثة أشهر- ظهرت مشاكل بسيطة تتعلق بخروجي وغيابي بالعمل مع خطيبتي، وينتج عنها عراك بالألفاظ، وعناد رهيب، وألفاظ لا يقبلها أي رجل على نفسه، ودفعت بي إلى مرض وتعب نفسي، وتأثير على حياتي بجميع مجالاتها.
كنت أحاول حل هذه الأمور -بالرغم من ذلك- وأتحدث مع والدها ووالدتها؛ لتخفيف حدة العصبية لديها، وتعريفها بوضعي كخطيب وزوج للمستقبل، ولا يجوز أن تتهمني بالتقصير في رجولتي، أو إحساسي، أو نخوتي، أو الاستهزاء بي، وأن تعطي لنفسها وقتا للتعامل معي أثناء غيابي، وتلتزم بالمظهر الجيد في التعامل مع الناس، وخصوصا والدتي؛ لأنها كانت تحبها، وهي التي أتمت اتفاق الخطبة، لكن وبعد مرور ستة أشهر لم أستطع التحمل، فلم أعد أشعر برجولتي! لم تعطني الوقت الكافي، وهي منهمكة في العمل بحجة تأمين المستقبل، وكثيرا ما أخبرتها: أن راحتي ببيتي، وليس بما في جيبي، وأن تهدأ ولا تتعصب علي، وألا تهينني. فتعتذر وتعود خلال مدة أقصاها أسبوع أوعشرة أيام.
كثيرا ما تكلمت مع والدتها ووالدها، ولكن كانت هي من تدير البيت بعد والدتها، واتضح لي أن والدها ما هو إلا ملبٍّ لرغبات الأسرة، ودائما ما كان يقول لي: إنها ناضجة، وتعلم جيدا ما تفعله، وأن الحياة تقتضي بألا يكون للرجل سلطة على المرأة؛ لأن منها ما يقود المجتمع، وإنما على أولاده فقط، وهذا ما لم أستطع استيعابه، وقد صارحتها بهذا الحديث، وقالت: إنها تعارضه.
أرى بعيني اختلافا بيني وبينها بالمواعيد، واختلافا حتى بحديثنا البسيط بالهاتف ينشب عنه ضيق رهيب مني بسبب كثرة جدالها الذي يدوم بالساعات، وأحيانا بالأيام، ومما تفعله من عدم احترام حيث إنها ترد على أي شخص يحادثها بعملها، وتهملني، وكثيرا ما عبرت لها عن ضيقي من هذا، ومن أسلوبها الحاد معي، وكثير من المشاكل والتجاوزات التي لا أستطيع استيعابها، ولا يجوز الحديث عنها، وبرغم محاولتي إسعادها بكل ما أوتيت من قوة؛ لكي تطمئن وتؤمن بي وتهدأ، ولكن دون جدوى.
قررت أن أتركها، وبالفعل تركتها، ولكن بعد مرور أسبوع قامت بالتحدث معي وهي بحالة انهيار تام من البكاء، فلم أستطع أن أتركها في حالة كهذه، وعدلت عن أمري.
بعد مرور الأسبوع المعتاد عادت نفس المشاكل، وقررت أن أتحمل لفترة، خاصة وأنه قد حصل بيننا أني قبلتها وداعبتها فقط، وذلك ما يقتلني ويمرضني؛ لأن لي أخوات بنات، ولا أرضى لها إلا الخير، ولكنه نفس الطبع، ونفس العراك ونفس الإهانات.
ساءت حالتي، وأصبحت غير قادر على التركيز، ولجأت للمهدئات، وتغيرت معيشتي، ووالله حاولت أن أتم هذه الزيجة، ولكني تركتها مرة أخرى منذ حوالي شهر لنفس الأسباب.
الآن هي تحاول محادثتي، وأنا لا أستطيع أن أقسو عليها؛ لأني أعتبرها وحيدة، وتقول لي: إنها تحاول الإصلاح من نفسها، وتتابع مع أخصائي نفسي، وتحاول محادثة أمي، وتنظم حياتها، ولكن كثرة المشاكل باعدت بيني وبينها كثيرا، ولا يوجد سقف لحديثها فهي تقول ما تريد، ووالدها أهانني أمام أهلي بأمر منها أو بوالدتها -الله أعلم- ولم أعد أعلم الصواب من الخطأ، وكل من يراني يقول لي: لا تعد؛ لأنها ستعود و(تخيروا لنطفكم؛ إن العرق دساس) و(الطبع يغلب التطبع).
منذ أيام –وبالصدفة- قابلت شيخا طيبا كنت أرتاح لكلامه، وكنت أعرفه منذ زمن، وكان يقرأ في خاتمات والدي -رحمه الله- فسألني عن اسمها واسم والدتها وأنا أيضا، ثم رد علي: أن علي أن أتركها. وقال لي أشياء عن غريزتها التي لن تستطيع التخلي عنها، وأشياء أقنعتني؛ لأنها حدثت وهو لا يعلم عنها شيئا، فأنا لم أخبره بأي شيء سوى أني مختلف. وأعطاني آيات من القرآن؛ لكي أواظب على قراءتها، وقال لي: اصبر لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وذلك بعدما أحس مني الإحساس بالذنب والتعب؛ لأني دخلت بيوت ناس، فأنا لم أخل بأحد ولا أحب وليس من طبعي.
الآن أنا تاركها تماما، وبحالة سيئة؛ لأن المشاكل ليست بمادية، فما أكثر هدايانا! وإنما أخلاقيا بالنسبة لي ولها، مع العلم أنني لو عدت من غد سترضى وترحب رغما عن أنف أي أحد، ولكني لا أضمن المشاكل، وتعبي الذي لا زلت أعاني منه، وهي أيضا حالتها سيئة.
ماذا أفعل؟ وأنا أتميز بطيبة القلب، وهناك فرق شاسع بيني وبينها.
ملحوظة أخيرة: حاليا متقدم لها شخص أفضل مني بنظري، ولكنها ترفضه وتريدني، مع العلم أن لديه استعدادا لتحمل كافة عيوبها.