النوع الحادي والعشرون : معرفة الموضوع
وهو المختلق المصنوع
اعلم أن الحديث الموضوع شر الأحاديث الضعيفة ، ولا تحل روايته لأحد علم حاله في أي معنى كان إلا مقرونا ببيان وضعه ، [ ص: 99 ] بخلاف غيره من الأحاديث الضعيفة التي يحتمل صدقها في الباطن ، حيث جاز روايتها في الترغيب والترهيب ، على ما نبينه قريبا إن شاء الله تعالى .
وإنما يعرف كون الحديث موضوعا بإقرار واضعه ، أو ما يتنزل منزلة إقراره ، وقد يفهمون الوضع من قرينة حال الراوي أو المروي ، فقد وضعت أحاديث طويلة يشهد بوضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها .
ولقد أكثر الذي جمع في هذا العصر ( الموضوعات ) في نحو مجلدين ، فأودع فيها كثيرا مما لا دليل على وضعه ، إنما حقه أن يذكر في مطلق الأحاديث الضعيفة .
، وأعظمهم ضررا قوم من المنسوبين إلى الزهد ، وضعوا الحديث احتسابا فيما زعموا ، فتقبل الناس موضوعاتهم ثقة منهم بهم وركونا إليهم ، ثم نهضت جهابذة الحديث بكشف عوارها ومحو عارها ، والحمد لله . والواضعون للحديث أصناف
[ ص: 100 ] وفيما روينا عن الإمام أبي بكر السمعاني : أن بعض الكرامية ذهب إلى جواز في باب الترغيب والترهيب . وضع الحديث
ثم إن الواضع ربما صنع كلاما من عند نفسه فرواه ، وربما أخذ كلاما لبعض الحكماء أو غيرهم ، فوضعه على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وربما غلط غالط ، فوقع في شبه الوضع من غير تعمد ، كما وقع لثابت بن موسى الزاهد في حديث : " " . من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار
مثال : " روينا عن أبي عصمة - وهو نوح بن أبي مريم - أنه قيل له : " من أين لك عن عكرمة ، عن في فضائل القرآن سورة سورة ؟ " ، فقال : إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه ابن عباس أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذه الأحاديث حسبة " .
وهكذا حال الحديث الطويل الذي يروى عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن سورة فسورة . بحث باحث عن مخرجه [ ص: 101 ] حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه ، وإن أثر الوضع لبين عليه ، ولقد أخطأ أبي بن كعب الواحدي المفسر ، ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم ، والله أعلم .