النوع الثاني والستون : معرفة
هذا فن عزيز مهم ، لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف واعتنى به ، مع كونه حقيقا بذلك جدا . من خلط في آخر عمره من الثقات
وهم منقسمون : فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه ، ومنهم من خلط لذهاب بصره ، أو لغير ذلك .
[ ص: 392 ] والحكم فيهم أنه يقبل حديث من أخذ عنهم قبل الاختلاط ، ولا يقبل حديث من أخذ عنه بعد الاختلاط ، أو أشكل أمره فلم يدر هل أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده .
فمنهم : اختلط في آخر عمره ، فاحتج أهل العلم برواية الأكابر عنه ، مثل عطاء بن السائب سفيان الثوري وشعبة ، لأن سماعهم منه كان في الصحة ، وتركوا الاحتجاج برواية من سمع منه آخرا .
وقال في يحيى بن سعيد القطان شعبة : " إلا حديثين كان شعبة يقول : سمعتهما بأخرة عن زادان " .
: اختلط أيضا ، ويقال إن سماع [ ص: 393 ] أبو إسحاق السبيعي منه بعدما اختلط ، ذكر ذلك سفيان بن عيينة . أبو يعلى الخليلي
: اختلط وتغير حفظه قبل موته . سعيد بن إياس الجريري
قال : قال أبو الوليد الباجي المالكي النسائي : " أنكر أيام الطاعون ، وهو أثبت عندنا من ما سمع منه قبل أيام الطاعون " . خالد الحذاء
: قال سعيد بن أبي عروبة : خلط يحيى بن معين بعد هزيمة سعيد بن أبي عروبة إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن سنة اثنتين وأربعين - يعني ومائة - ، فمن سمع منه بعد ذلك فليس بشيء .
صحيح السماع منه ، سمع منه بواسط وهو يريد ويزيد بن هارون الكوفة ، وأثبت الناس سماعا منه . عبدة بن سليمان
قلت : وممن عرف أنه سمع منه بعد اختلاطه وكيع ، ، بلغنا عن والمعافى بن عمران الموصلي أحد الحفاظ أنه قال : " ليست روايتهما عنه بشيء ، إنما سماعهما بعدما اختلط " . ابن عمار الموصلي
وقد روينا عن أنه قال يحيى بن معين لوكيع : " تحدث عن وإنما سمعت منه في الاختلاط ؟ " فقال : " رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستو ؟ " . سعيد بن أبي عروبة
[ ص: 394 ] المسعودي : ممن اختلط ، وهو ، وهو أخو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي ، ذكر أبي العميس عتبة المسعودي في " كتاب المزكين للرواة " عن الحاكم أبو عبد الله أنه قال : " من سمع من يحيى بن معين المسعودي في زمان أبي جعفر فهو صحيح السماع ، ومن سمع منه في أيام المهدي فليس سماعه بشيء " .
وذكر عن حنبل بن إسحاق أنه قال : " سماع أحمد بن حنبل عاصم - هو ابن علي - وأبي النضر وهؤلاء من المسعودي بعدما اختلط " .
أستاذ ربيعة الرأي بن أبي عبد الرحمن مالك : قيل : إنه تغير في آخر عمره ، وترك الاعتماد عليه لذلك .
صالح بن نبهان مولى التوأمة بنت أمية بن خلف : روى عنه والناس ، قال ابن أبي ذئب : " تغير في سنة خمس وعشرين ومائة ، واختلط حديثه الأخير بحديثه القديم ولم يتميز ، فاستحق الترك " . أبو حاتم بن حبان
[ ص: 395 ] حصين بن عبد الرحمن الكوفي : ممن اختلط وتغير ، ذكره النسائي وغيره ، والله أعلم .
: ذكر عبد الوهاب الثقفي عن ابن أبي حاتم الرازي أنه قال : " اختلط بأخرة " . يحيى بن معين
: وجدت عن سفيان بن عيينة أنه سمع محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي يقول : " أشهد أن يحيى بن سعيد القطان اختلط سنة سبع وتسعين ، فمن سمع منه في هذه السنة وبعد هذا فسماعه لا شيء " ، قلت : توفي بعد ذلك بنحو سنتين سنة تسع وتسعين ومائة . سفيان بن عيينة
[ ص: 396 ] : ذكر عبد الرزاق بن همام أنه عمي في آخر عمره ، فكان يلقن فيتلقن ، فسماع من سمع منه بعدما عمي لا شيء ، وقال أحمد بن حنبل النسائي : " فيه نظر لمن كتب عنه بأخرة " .
قلت : وعلى هذا نحمل قول لما رجع من عباس بن عبد العظيم صنعاء : " والله لقد تجشمت إلى عبد الرزاق ، وإنه لكذاب ، أصدق منه " . والواقدي
قلت : قد وجدت فيما روي عن الطبراني عن عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عبد الرزاق أحاديث استنكرتها جدا ، فأحلت أمرها على ذلك ، فإن سماع الدبري منه متأخر جدا " ، قال : مات إبراهيم الحربي عبد الرزاق وللدبري ست سنين أو سبع سنين .
ونحصل أيضا في نظر من كثير من العوالي الواقعة عمن تأخر سماعه من وأشباهه . سفيان بن عيينة
عارم محمد بن الفضل أبو النعمان : اختلط بأخرة ، فما رواه عنه [ ص: 397 ] البخاري وغيرهما من الحفاظ ينبغي أن يكون مأخوذا عنه قبل اختلاطه . ومحمد بن يحيى الذهلي
: روينا عن الإمام أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي أنه قال : حدثنا ابن خزيمة أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط ويخرج إلى بغداذ .
وممن بلغنا عنه ذلك من المتأخرين ، أبو أحمد الغطريفي الجرجاني وأبو طاهر حفيد الإمام : ذكر الحافظ ابن خزيمة أبو علي البرذعي ثم السمرقندي في معجمه أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما .
: راوي مسند وأبو بكر بن مالك القطيعي أحمد وغيره اختل في آخر عمره وخرف حتى كان لا يعرف شيئا مما يقرأ عليه .
واعلم أن من كان من هذا القبيل محتجا بروايته في الصحيحين أو [ ص: 398 ] أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز ، وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط ، والله أعلم .