الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
النوع الثالث والخمسون : معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والأنساب وما يلتحق بها

وهو ما يأتلف - أي تتفق - في الخط صورته ، وتختلف في اللفظ صيغته‏ . ‏

هذا فن جليل ، من لم يعرفه من المحدثين كثر عثاره ، ولم يعدم مخجلا ، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه ، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلا . ‏

وقد صنفت فيه كتب كثيرة مفيدة ، ومن أكملها " ‏الإكمال‏ " ‏لأبي نصر بن ماكولا‏ء ، على إعواز فيه‏ . ‏

وهذه أشياء مما دخل منه تحت الضبط مما يكثر ذكره‏ ، والضبط فيها على قسمين على العموم وعلى الخصوص‏ . ‏

[ ص: 345 ] فمن القسم الأول : سلام وسلام ، جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد اللام إلا خمسة ، وهم‏ : ‏سلام والد عبد الله بن سلام الإسرائيلي الصحابي‏ ‏‏ . ‏

و‏‏سلام والد محمد بن سلام البيكندي البخاري‏ شيخ ‏البخاري‏ ، لم يذكر فيه ‏الخطيب‏ و‏ابن ماكولا‏ء غير التخفيف‏ ، وقال صاحب المطالع‏ : منهم من خفف ومنهم من ثقل ، وهو الأكثر‏ . ‏

قلت‏ : التخفيف أثبت ، وهو الذي ذكره ‏غنجار‏ في تاريخ بخارى ، وهو أعلم بأهل بلاده‏ . ‏

وسلام بن محمد بن ناهض المقدسي‏ ، روى عنه ‏أبو طالب الحافظ والطبراني‏ ‏‏ . ‏ وسماه الطبراني سلامة‏ . ‏

وسلام جد محمد بن عبد الوهاب بن سلام المتكلم ‏الجبائي أبي علي المعتزلي‏ ‏‏ ، وقال ‏المبرد‏ في كامله‏ : " ليس في العرب سلام - مخفف اللام - إلا ‏والد عبد الله بن سلام‏ ، وسلام بن أبي الحقيق‏ ‏‏ ، قال : وزاد آخرون ‏سلام بن مشكم ، ‏خمارا كان في الجاهلية ، والمعروف فيه التشديد " ، والله أعلم‏ . ‏

‏عمارة‏ و‏عمارة‏ ، ليس لنا عمارة - بكسر العين - إلا ‏أبي بن عمارة‏ من الصحابة ، ومنهم من ضمه ، ومن عداه عمارة ، بالضم ، والله أعلم‏ . ‏

[ ص: 346 ] ‏كريز وكريز‏ : حكى ‏أبو علي الغساني‏ في كتابه " ‏تقييد المهمل‏ " عن ‏محمد بن وضاح‏ أن كريزا - بفتح الكاف - في خزاعة ، وكريزا - بضمها - في ‏عبد شمس بن عبد مناف‏ ‏‏ . ‏

قلت‏ : وكريز - بضمها - موجود أيضا في غيرهما‏ ، ولا نستدرك في المفتوح ‏بأيوب بن كريز الراوي عن ‏عبد الرحمن بن غنم‏ لكون عبد الغني ذكره بالفتح ؛ لأنه بالضم ، كذلك ذكره ‏الدارقطني وغيره‏ . ‏

‏حزام‏ ‏‏ : بالزاي في قريش ، وحرام‏ : بالراء المهملة في الأنصار ، والله أعلم‏ . ‏

ذكر ‏أبو علي بن البرداني‏ أنه سمع ‏الخطيب الحافظ يقول‏ : العيشيون بصريون ، والعبسيون كوفيون ، والعنسيون شاميون‏ . ‏

قلت‏ : وقد قاله قبله ‏الحاكم أبو عبد الله ، وهذا على الغالب ، الأول بالشين المعجمة ، والثاني بالباء الموحدة ، والثالث بالنون ، والسين فيهما غير معجمة‏ . ‏

‏أبو عبيدة‏ : كله بالضم‏ ، بلغنا عن ‏الدارقطني أنه قال : لا نعلم أحدا يكنى ‏أبا عبيدة‏ بالفتح . ‏

[ ص: 347 ] وهذه أشياء اجتهدت في ضبطها ، متتبعا من ذكرهم ‏الدارقطني و‏عبد الغني‏ و‏ابن ماكولاء‏ .

منها‏ : ‏السفر‏ بإسكان الفاء ، والسفر ، بفتحها‏ ، وجدت الكنى من ذلك بالفتح ، والباقي بالإسكان‏ ، ومن المغاربة من سكن الفاء من أبي السفر سعيد بن يحمد ، وذلك خلاف ما يقوله أصحاب الحديث ، حكاه ‏الدارقطني عنهم‏ . ‏

‏عسل ‏‏ : بكسر العين المهملة وإسكان السين المهملة ، وعسل بفتحهما‏ ، وجدت الجميع من القبيل الأول ، ومنهم‏ : ‏عسل بن سفيان‏ ، إلا ‏عسل بن ذكوان الأخباري البصري ، فإنه بالفتح‏ ، ذكره ‏الدارقطني وغيره ، ووجدته بخط الإمام ‏أبي منصور الأزهري‏ في كتابه " تهذيب اللغة " بالكسر والإسكان أيضا ، ولا أراه ضبطه ، والله أعلم‏ . ‏

‏غنام‏ ‏‏ : بالغين المعجمة والنون المشددة ، و‏عثام‏ بالعين المهملة والثاء المثلثة المشددة‏ ، ولا يعرف من القبيل الثاني غير ‏عثام بن علي العامري الكوفي‏ ، والد ‏علي بن عثام الزاهد‏ ، والباقون من الأول ، منهم : ‏غنام بن أوس‏ ‏‏ : صحابي بدري ، والله أعلم‏ . ‏

‏قمير‏ و‏قمير‏ ‏‏ : الجميع بضم القاف ، ومنهم ‏مكي بن قمير‏ ، عن ‏جعفر بن سليمان‏ ، إلا امرأة مسروق بن الأجدع ‏قمير بنت عمرو‏ ، فإنها بفتح القاف وكسر الميم ، والله أعلم‏ . ‏

[ ص: 348 ] ‏مسور ومسور‏ ‏‏ : أما ‏مسور‏ - بضم الميم وتشديد الواو وفتحها - فهو ‏مسور بن يزيد المالكي الكاهلي‏ ، له صحبة‏ ، و‏مسور بن عبد الملك اليربوعي‏ روى عنه ‏معن بن عيسى‏ ، ذكره ‏البخاري‏ ‏‏ ، ومن سواهما - فيما نعلم - بكسر الميم وإسكان السين ، والله أعلم‏ . ‏

‏الحمال‏ و‏الجمال‏ ‏‏ : لا نعرف في رواة الحديث - أو فيمن ذكر منهم في كتب الحديث المتداولة - الحمال بالحاء المهملة ، صفة لا اسما ، إلا ‏هارون بن عبد الله الحمال‏ ، والد موسى بن هارون الحمال الحافظ ، حكى ‏عبد الغني الحافظ ‏‏ أنه كان بزازا ، فلما تزهد حمل‏ ، وزعم ‏الخليلي‏ وابن الفلكي‏ ‏‏ أنه لقب بالحمال لكثرة ما حمل من العلم ، ولا أرى ما قالاه يصح‏ ، ومن عداه فالجمال بالجيم ، منهم محمد بن مهران الجمال ، حدث عنه ‏البخاري‏ و‏مسلم‏ وغيرهما ، والله أعلم‏ . ‏

وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط ، ويكون اللافظ فيه مصيبا كيفما قال ، مثل‏ ‏عيسى بن أبي عيسى الحناط‏ ، وهو أيضا الخباط والخياط ، إلا أنه اشتهر ‏بعيسى الحناط‏ ، بالحاء والنون ، كان خياطا للثياب ، ثم ترك ذلك وصار حناطا يبيع الحنطة ، ثم ترك ذلك وصار خباطا يبيع الخبط الذي تأكله الإبل‏ ، وكذلك مسلم [ ص: 349 ] الخباط ، بالباء المنقوطة بواحدة ، اجتمع فيه الأوصاف الثلاثة ، حكى اجتماعها في هذين الشخصين ‏الإمام الدارقطني ، والله أعلم‏ . ‏

التالي السابق


الخدمات العلمية